إذا عرفت أقسام الإرادة فنقول : إنّ المراد من الإرادة في ما نحن فيه هي الإرادة الواقعيّة والحقيقيّة ، وهل للإرادة الجزئيّة الواقعيّة دخل في معنى الإنسان ـ مثلا ـ بعنوان الجزء أو القيد أم لا؟ قيل : لها دخل. وذكر المحقّق الخراساني قدسسره (١) وبعض آخر وجوها لإبطال دليل من يقول بدخلها في الموضوع له :
أحدها : التبادر ، فإنّ سماع كلمة «زيد» من وراء الجدار يوجب انتقال الذهن إلى الهيكل الخارجي ، فتكون ذوات المعاني تمام الموضوع له في الأعلام الشخصيّة ، وهكذا في أسماء الأجناس.
وثانيها : إيجاد الإشكال في القضايا الحمليّة لو قلنا به ، فإنّ الملاك فيها الاتّحاد والهوهويّة ، مثل «زيد قائم» ، فلو كانت الإرادة جزء معنى «زيد» و «القائم» لكانت إرادة «زيد» غير إرادة «القائم» ، فلا يكن بينهما اتّحاد ، ولا يصحّ الحمل بدون تجريدهما عن الإرادة ، وحيث إنّه لا نحتاج إلى التجريد في تشكيل القضايا نستكشف أنّه لا دخل للإرادة في المعنى الموضوع له.
وثالثها : أنّ لازم ذلك ألّا يكون في العالم وضع العامّ والموضوع له العامّ أصلا ، ويلزم كون وضع عامّة الألفاظ عامّا والموضوع له خاصّا ؛ لأنّه إذا كان الحيوان الناطق المقيّد بإرادة معنى الإنسان ، ومعلوم أنّ الإرادة جزئيّة ، فيلزم أن يكون المعنى الموضوع له جزئيّا.
وأمّا دليل من يقول بدخلها فبيانه يحتاج إلى ذكر مقدّمتين :
الاولى : أنّ العلّة الغائيّة في الأفعال والحركات الاختياريّة وإن كانت متأخّرة بوجودها العيني والخارجي عن نفس الأفعال والحركات ولكنّها
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٢ ـ ٢٣.