فالتبادر يوجب العلم تفصيلا به ، فالعلم التفصيلي بكونه معنى حقيقيّا موقوف على التبادر ، ولكنّ التبادر موقوف على العلم الإجمالي الارتكازي ، فارتفع الدور من البين.
وأجاب عنه بعض المحقّقين بأنّه يكفي في ارتفاع الدور تغاير العلمين شخصا ، فإنّ العلم الشخصي الحاصل من التبادر مغاير مع العلم الشخصي الذي يتوقّف التبادر عليه وإن كان كلاهما علما تفصيليّا ، فيكون أحد الفردين متوقّفا على التبادر ، ولكنّه متوقّف على الفرد الآخر ، ولا مانع من توقّف أحد الفردين على الآخر.
ولكنّه مردود بأنّ العلم من امور ذات الإضافة ، له إضافة إلى العالم وإضافة إلى المعلوم ، وتعدّده متوقّف على تعدّد أحد طرفيه أو تعدّدهما ، ولا يعقل العلم التفصيلي في حال واحد لشخص واحد على شيء واحد مرّتين ، مثل قول القائل مثلا : «لنا عشرة علوم تتحقّق اليوم».
الجهة السادسة : في اشتراط علاميّة التبادر بكونه مستندا إلى حاقّ اللفظ لا إلى القرينة ، هذا إذا احرز انسباق المعنى إلى الذهن من نفس اللفظ ، وإنّما الكلام في صورة الشكّ واحتمال استناد ظهور اللفظ إلى وجود قرينة داخليّة أو خارجيّة ، فهل لنا طريق مضبوط أو قاعدة مضبوطة لإثبات هذا المعنى أم لا؟
ربّما يقال : إنّ الاطّراد يدلّ على كون التبادر مستندا إلى حاقّ اللفظ ، وهو أنّ تبادر المعنى من اللفظ لا يختصّ بمورد دون مورد ، بل كلّما اطلق لفظ «صعيد» يتبادر منه التراب الخالص ، وهذا دليل على كونه مستندا إلى الوضع.
وجوابه : أنّ الاطّراد إن كان موجبا للعلم فلا إشكال فيه ، بل هو خارج عن محلّ البحث ، وإن كان حجّة في مورد التبادر مع عدم حصول العلم منه فلا