ولكن بهذا التعبير أيضا لا يندفع الإشكال ؛ إذ لو كان مراده كون اللفظ والمعنى معا محمولا فقد مرّ آنفا أنّه غير متصوّر ، ولو كان مراده كون المعنى محمولا فمع أنّه مخدوش ـ كما ذكر ـ مخالف لصريح كلامه.
ويحتمل أن يكون مراده أنّ اللفظ بما هو مندكّ وفان في المعنى وصورة له ، فاللفظ بهذه الصورة يكون محمولا على الموضوع ، ولكنّه أيضا لعب بالكلمات ، ولا يوجب تعيين المحمول في القضيّة بدون إشكال ؛ إذ لا بدّ من كون اللفظ أو المعنى أو كليهما محمولا فيها ، وكلّ ذلك مردود كما لا يخفى ، فالإشكال في محلّه.
والحاصل : أنّ ما ذكر في التبادر من التغاير بين الموقوف والموقوف عليه لا يجري هاهنا ، ولا يدفع الإشكال. وأمّا ما ذكر فيه من التغاير بالإضافة إلى المستعلم والعالم فهو جار في ما نحن فيه أيضا ؛ لأنّ صحّة الحمل عند العالم علامة الحقيقة للمستعلم ، وكذلك في جانب عدمه.
واستشكل في علاميّة صحّة الحمل المحقّق العراقي قدسسره (١) بأنّ مجرّد صحّة الحمل لا يكون من علائم الحقيقة ، فإنّنا نرى صحّة الحمل في موارد مع أنّه لا شبهة في كونه مجازا ، حيث لا يصحّ استعمال اللفظ الموضوع لأحد المفهومين في المفهوم الآخر على الحقيقة كقولك : «الإنسان حيوان ناطق» ، حيث إنّهما مع كونهما متّحدين ذاتا ووجودا لا يصحّ استعمال أحدهما في الآخر ؛ نظرا إلى ما بين المفهومين من التغاير ، وكونه في أحدهما بسيطا وفي الآخر مركّبا ؛ لأنّ المدار في الحقيقة وصحّة الاستعمال إنّما هو على وحدة المفهوم منها كما في الإنسان والبشر ، وصحّة الحمل ـ ولو بالحمل الذاتي فضلا عن الشائع الصناعي الذي مداره الاتّحاد في الوجود ـ لا يقتضي وحدة المفهوم الموجبة
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ : ٦٧ ـ ٦٨.