على كلّ فرد من أفراد الشجاع فلا يطّرد ولا يصحّ مطلقا ، بل يصحّ إطلاقه باعتبار هذا المفهوم الكلّي على الإنسان الشجاع ، ولا يصحّ إطلاقه على كلّ رجل يشبهه ، كما إذا كان شبيها له في البخر ، وهكذا يكشف عن كونه من المعاني المجازيّة.
ولكن استشكل في علاميّة الاطّراد أيضا بأنّ الاطّراد ليس لازما مساويا للوضع حتّى يكون أمارة عليه ، بل هو لازم أعمّ من الوضع ، فليس دليلا عليه ؛ لعدم دلالة العامّ على الخاصّ ، ووجه أعمّيّته هو وجود الاطّراد في المجاز أيضا ، حيث إنّ علاقة المشابهة في أظهر الأوصاف ، كشجاعة الأسد ـ مثلا ـ توجب جواز استعمال لفظ «الأسد» في جميع موارد وجود هذه العلاقة ، فالاطّراد بلحاظ كلّ واحدة من العلائق الموجودة حاصل ، مع أنّ استعمال اللّفظ في المعاني بلحاظ تلك العلائق مجاز.
وأجاب عنه صاحب الكفاية (١) ، وحاصل جوابه : أنّ الاطّراد في المجازات إنّما يكون بلحاظ أشخاص العلائق ، بحيث يكون شخص المستعمل فيه دخيلا في صحّة الاستعمال وحسنه ، لا بملاحظة أنواعها كما هو شأن الاطّراد في الحقائق ، فاستعمال لفظ «الأسد» في الرجل الشجاع بعلاقة المشابهة بينهما وإن كان مطّردا ، إلّا أنّ اطّراده إنّما هو بملاحظة شخص هذه العلاقة ، أعني علاقة المشابهة بينه وبين الرجل الشجاع بخصوصه ، ولذا لا يحسن استعماله في العصفور الشجاع مع وجود الشجاعة فيه ، وهذا بخلاف الاطّراد في الحقائق ، فإنّه يكون بملاحظة أنواع العلائق من دون خصوصيّة لمورد الاستعمال ، فيكون الاطّراد علامة للحقيقة ، وعدمه بالنسبة إلى نوع العلاقة علامة
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٨ ـ ٢٩.