خلاف الظاهر ، فإنّ المفسّرين يحتاجون إليهم عليهمالسلام في التفسير.
وأمّا المرجع لحيثيّة الأوّل فهو التواتر فقط ، ولا ربط له بالأئمّة عليهمالسلام أصلا ، فطريق إثبات الكتاب أو إثبات جزئيّة الآية المشكوكة ـ مثلا ـ منحصر بالتواتر ، كما صرّح به المفسّرون ، ولعلّه كان سهوا من القلم ؛ لأنّ هذا المعنى ممّا اتّفق عليه علماء المسلمين ، كما يستفاد من استدلالهم في موارد مختلفة ، مثل قول المالكيّة (١) : بأنّ «بسم الله» الذي ذكر في ابتداء السور ليس من القرآن ، فإنّه لم يثبت قرآنيّتها متواترا.
واجيبوا بثبوت قرآنيّتها متواترا ، ويشهد لذلك وجودها في جميع المصاحف المكتوبة في صدر الإسلام ، مع أنّهم لم يكتبوا شيئا سوى القرآن حتّى أسامي السور ، فهذا دليل على ثبوتها متواترا.
وقال السيوطي في كتاب الإتقان : إنّ فخر الدّين الرازي نقل عن بعض الكتب القديمة أنّ ابن مسعود اعتقد بأنّ فاتحة الكتاب وكذا المعوّذتين في آخر القرآن ليس من الكتاب. واستبعده السيوطي : بأنّه كيف يمكن إنكار ما ثبت بالتواتر مع أنّه يوجب الكفر؟! ولو قال بعدم اشتراط ثبوت القرآن بالتواتر فيوجب التزلزل في قرآنيّة القرآن ، فلا بدّ من توجيه كلامه أو تكذيب النسبة إليه ، فهذا دليل على أنّه لا بدّ من إثبات القرآنيّة بالتواتر.
وأمّا الدليل على شرطيّة التواتر فيه فلا يخفى أنّه ليس إلّا عبارة عن كلام الله ، فإنّ لنا مطالب أخر باسم الأحاديث القدسيّة الّتي تنسب إليه تعالى ، ومع ذلك لا يشترط في إثباتها التواتر ، ولا لأنّه معجزة رسول الله صلىاللهعليهوآله كما هو المعلوم ، بل لخصوصيّة موجودة في نفس القرآن التي تقتضي انحصار طريق
__________________
(١) البيان في تفسير القرآن : ٤٣٢ ـ ٤٤٨.