وأمّا على الفرض الأوّل ـ أي نقل السنّة من النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله بواسطة الأئمّة عليهمالسلام ـ فقد يكون نقل الأئمّة عليهمالسلام نقلا بالمعنى.
ولا شكّ في حمل الألفاظ على المعاني المتعارفة لا بدّ من مراجعة العرف والحقيقة المتشرّعة ، كما أنّه لا شكّ في حملها عليها إن فسّرت السنّة بواسطة الأئمّة عليهمالسلام ، وكما أنّه لا شكّ في حملها عليها إذا نقل عن الأئمّة عليهمالسلام مسألة ثمّ استشهد بكلامه صلىاللهعليهوآله.
وقد يكون نقلهم عليهمالسلام بلا دخل وتصرّف في اللفظ ، بل كان لهم عنوان «الرواة المعلوم صدقهم» كرواية سائر الصحابة عنه صلىاللهعليهوآله مثل قول محمّد بن مسلم ، قال الصادق عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : صلّ عند رؤية الهلال (١).
ومعلوم أنّا نشكّ فيه ، فهل مراده صلىاللهعليهوآله عبارة عن المعنى المتعارف عند المتشرّعة ، أو المعنى الحقيقي اللغوي؟ وتظهر ثمرة بحث الحقيقة الشرعيّة في هذا المورد ، فإنّه على القول بالثبوت وتأخّر الاستعمال يحمل على المعنى الحادث ، وعلى القول بعدم الثبوت أو عدم العلم بتأخّر الاستعمال يحمل على المعنى الحقيقي اللغوي ، فلا يكون ترتّب الثمرة قابلا للإنكار ، مع أنّ موارد الشكّ لا تكون كثيرة ، بل هي قليلة جدّا.
فإذا كان الأمر كذلك فلا بدّ لنا من البحث في هذه المسألة مختصرا ، مع قطع النظر عن الجهات الثلاثة المذكورة في السابق ، فقد مرّت إشارتنا إلى قول المحقّق الخراساني قدسسره وأنّه ذكر طريقا آخر لإثبات الحقيقة الشرعيّة ، وهو : أنّه لما كانت دعوى الوضع التعييني في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله في غاية الإشكال ؛ إذ لو كان لنقل إلينا ، فادّعى إمكانه بقوله : إنّ الوضع التعييني كما يحصل بالتصريح
__________________
(١) هذه الجملة مضمون حديث.