كلامه عليه مع القرينة الصارفة عن المعاني اللغويّة ، وعدم قرينة اخرى معيّنة للآخر ، فيكون أحدهما مجازيّا في طول الآخر لا في عرضه ، كما قال به صاحب الكفاية قدسسره. ويعبّر عنه في العلوم الأدبيّة بسبك المجاز عن المجاز ، وكان له أثر في مقام العمل ، فإنّ الشارع إذا أراد من اللفظ معناه المجازي الأوّل فلا بدّ له من نصب قرينة صارفة عن المعنى اللّغوي بدون نصب قرينة معيّنة اخرى ، وأمّا إذا أراد منه معناه المجازي الثاني فلينصب قرينتين : صارفة ومعيّنة ، فيمكن أن يقول البعض بالأصالة للصحيح والتبعيّة للأعمّ ، والبعض الآخر بالعكس.
وأمّا على قول الباقلّاني فبأنّ الألفاظ مستعملة في معانيها اللغويّة ، ولكن الخصوصيّات من الأجزاء والشرائط مستفادة من القرينة ، وهي قد تكون بألفاظ مفصّلة خاصّة ، مثل : أن يقال : «صلّ» و «اسجد» و «اركع» إلى غير ذلك ، وحينئذ لم يكن أي نزاع.
وقد تكون باللفظ الجامع العامّ بأن يقال : «صلّ» ويضمّ إليه لفظ جامع لشتاتها ، وحينئذ أمكن النزاع بأنّ المراد من هذه القرينة الجامعة هل يكون جميع ما يعتبر من الأجزاء والشرائط أو في الجملة؟ فيعبّر عن الأوّل بالصحيح وعن الثاني بالأعمّ.
ولا بدّ لنا قبل الخوض في أصل البحث من ذكر امور :
الأوّل : تعريف الصحّة والفساد ومعناهما ، فقد صرّح المحقّق الخراساني قدسسره (١) في مواضع متعدّدة بأنّ الصحّة عند الكلّ بمعنى واحد وهي التماميّة ، ولا محالة يكون الفساد بمعنى النقصان.
ويستفاد من كلامه أنّ الصحّة والتماميّة كانتا مترادفتين ، كما أنّ الفساد
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٤ ـ ٣٥.