ولكنّ التحقيق في المقام أنّه قد يكون الغرض من تصوير الجامع على القول بالصحيح إثبات القول بالصحّة ، كما هو الظاهر من كلام المحقّق الخراساني (١) فإنّه قال : لا بدّ على كلا القولين من قدر جامع في البين ، ولا إشكال في وجوده بين الأفراد الصحيحة ، وإمكان الإشارة إليه بخواصّه وآثاره. وأمّا تصوير الجامع على القول بالأعمّ ففي غاية الإشكال ، ثمّ استفاد منه أنّ الحقّ مع الصحيحي ؛ إذ يمكن له تصوير الجامع بخلاف الأعمّي.
وجوابه : أوّلا : أنّه لا يمكن للصحيحي أيضا تصوير الجامع كما مرّ أن ذكرناه أكثر ممّا قيل في تصويره وجوابه مفصّلا.
وثانيا : أنّ المهمّ في هذا البحث بحث الحقيقة والمجاز ؛ إذ القائل بالحقيقة الشرعيّة يقول : إنّ الصلاة حقيقة في الصحيح ومجاز في الأعمّ ، أو حقيقة في الأعمّ ، فيكون تصوير الجامع أيضا من علائم الحقيقة كالتبادر ونحوه ، بأنّه إذا كان تصوير الجامع على القول بالصحيح ممكنا فالصلاة حقيقة في الصحيح ، وإذا كان تصوير الجامع على القول بالأعمّ ممكنا فهي حقيقة في الأعمّ ، مع أنّه لا دخل لتصوير الجامع وعدمه في تشخيص الحقيقة عن المجاز ، فتصوير الجامع لهذا الغرض لا فائدة فيه.
وأمّا إذا كان الدليل على القول بالصحيح التبادر وصحّة السلب عن الفاسد وأمثال ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، فلا نحتاج إلى تصوير الجامع والعلم به ولو من طريق الإشارة إليه بآثاره وخواصّه ، فإنّا نستكشف من ضمّ عموميّة الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات إلى أنّها لا تنطبق على الأفراد الفاسدة ، أنّ الجامع موجود ولاحظه الشارع حين الوضع ، ولا ضرورة تدعو
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٦ ـ ٤٢.