وهو كما ترى. وهكذا في ما نحن فيه لو تمسّك الصحيحي في صورة الشكّ في جزئيّة السورة ـ مثلا ـ بإطلاق (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) لنفي جزئيّتها كان هذا من التمسّك بالدليل العامّ في الشبهة المصداقيّة ، فإنّه قائل بدخالة جميع الأجزاء وأكثر الشرائط في المسمّى ، ولا يصدق عنوان الصلاة على فاقد بعضها أصلا.
واورد على هذه الثمرة بأنّه لا فرق في جواز التمسّك بالإطلاق بين القول بالصحيح أو الأعمّ ، فإنّا نرى أنّ الصحيحي كالأعمّي يتمسّك به فيما إذا احتمل جزئيّة شيء أو شرطيّته زائدا على القدر المتيقّن ، ولذا يتمسّك الفقهاء قدسسرهم بإطلاق صحيحة حمّاد (١) ـ التي وردت في مقام بيان الأجزاء والشرائط ، حيث إنّ الإمام عليهالسلام بيّن فيها جميع أجزاء الصلاة وشرائطها ما عدا الاستعاذة ـ على عدم وجوبها ، بلا فرق في ذلك بين الصحيحي والأعمّي.
وهو مدفوع بما ذكرنا بعنوان الملاك ؛ لعدم جواز التمسّك بالإطلاق على القول بالصحيح ، أعني كونه من التمسّك بالمطلق في الشبهة المصداقيّة الذي لم يقل به أحد ؛ إذ لا يمكن التمسّك بالإطلاق قبل إحراز عنوان المطلق ، فكيف يمكن للصحيحي التمسّك به إذا شكّ في جزئيّة الاستعاذة ـ مثلا ـ مع أنّ هذا الشكّ يرجع إلى الشكّ في صدق اللّفظ؟! وحينئذ لو رأينا في مورد تمسّكهم به فلا بدّ من توجيهه بنسيانهم مبناهم هنا ، وأمثال ذلك.
وأمّا الاستشهاد عليه بتمسّك الفقهاء ـ رضي الله عنهم ـ بإطلاق صحيحة حماد فهو خلط بين الإطلاق المقامي والإطلاق اللفظي ، مع أنّ الأوّل متقوّم بسكوت المتكلّم عن البيان حينما يورد الحكم على نفس الأجزاء والشرائط أو الأفراد ، والثاني متقوّم بإحراز صدق المطلق على المورد المشكوك ، وكلّ من
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٤٥٩ ، الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة ، الحديث ١.