بطهور» (١) ، واخرى على وجه الادّعاء والمبالغة ، مثل : «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» كما قال به السكّاكي في باب الاستعارة من المجازات.
والشاهد عليه أنّه لو فرضنا تقدير كلمة مثل : «كاملة» فإنّه لا يدلّ على المبالغة ، ولا حسن في هذا الكلام ، مع أنّ الغرض فيه إلقاء نكتة مهمّة بأنّه لا بدّ من شدّة الارتباط بين المسجد وجاره ، بحيث لو لم يصلّ في المسجد لما كانت صلاته بصلاة ، وإلّا فلم لا يقال من الابتداء : لا كمال لصلاة جار المسجد إلّا في المسجد ، ولم لا يقال في زيد أسد : زيد كثير الشجاعة. هذا تمام الكلام في استدلاله بهذه الطائفة من الأخبار.
ولكن يرد عليه : سلّمنا أنّ نفي الحقيقة قد يكون على وجه الحقيقة وقد يكون على وجه الادّعاء والعناية ، وأنّ نفي الحقيقة في جملة : «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» يكون على نحو العناية والادّعاء ، إلّا أنّ الكلام في أنّه ما الدليل على أن يكون نفي الحقيقة في جملة : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» على نحو الحقيقة؟ ويمكن أن يقال : إنّه أيضا يكون على نحو العناية.
نعم ، يصحّ الاستدلال بهذه الرواية لو أثبتنا من الخارج مع قطع النظر عن هذه الأخبار أنّ كلمة الصلاة وضعت لماهيّة الصحيحة ، ولكنّ المفروض إنّا نستدلّ به بنفس هذه العبارة.
ويمكن أن يقال في مقام الدفاع عن صاحب الكفاية : إنّ السكاكي وإن قال في باب الاستعارة : إنّه لا يكون فيها استعمال في غير ما وضع له أصلا ، سواء اريد من كلمة «الأسد» الحيوان المفترس أم اريد به الرجل الشجاع ، وأمّا إن استعملت عنده جملة : «رأيت أسدا» بغير القرينة ، فلا شكّ في أنّه يحملها على
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ ، الباب ١ من نواقض الوضوء ، الحديث ١.