وقد انقدح من ذلك أنّه لم يكن بين المستثنى والمستثنى منه وحدة سياق أصلا.
وجوابه : أوّلا : إنّا لا نسلّم عدم تحقّق وحدة السياق في المثال المذكور ، وإلّا يستلزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، أو كون المثال مجملا ؛ مع أنّ العرف يمنع من أن يكون بين المثالين فرقا من حيث المعنى.
وثانيا : على فرض تسليم الفرق بينهما أنّ كلمة «إلّا» إذا كانت مسبوقة بكلمة «لا» و «ما» فتكون من العناوين الحصريّة ، بل كانت من أهمّها ، وأنّه يقال في تعريف المفهوم المخالف : أنّه عبارة عن الجملة التي تكون مغايرة للمنطوق في النفي والإثبات ، فيستفاد منهما أنّ المفهوم مرتبط بكلام المتكلّم وكأنّه صرّح به ، ويؤيّده ما يقال في باب التعادل والترجيح من تعارض المنطوق والمفهوم ، كما في قوله عليهالسلام : «إذا خفي الأذان فقصّر» (١) وقوله عليهالسلام : «إذا خفي الجدران فقصّر» (٢).
ولكن اختلفوا في تحقّق المفهوم وعدمه في القضايا ، بخلاف أداة الحصر فإنّ تحقّق المفهوم فيها ممّا اتّفق عليه الكلّ ، والاختلاف في أنّه جزء المنطوق أم لا ، فلا تكون جملة المستثنى في الحديث بمعنى تفسير كلمة «إلّا» ، بل هي ممّا صرّح به المتكلّم ، وكلمة «إلّا» قامت مقامها من حيث اللفظ ، وحينئذ إذا كان المعنى في جملة «تعاد الصلاة» أعمّ من الصحيح والفاسد ، فيقتضي وحدة السياق أن يكون في جملة «لا تعاد» أيضا كذلك.
هذا. ومن الوجوه التي استدلّ بها الأعمّي استعمال الصلاة وغيرها في غير واحد من الأخبار في الفاسدة كقوله عليهالسلام : «بني الإسلام على خمس : الصلاة
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٧٠ ، الباب ٦ من صلاة المسافر.
(٢) المصدر السابق.