إلّا أنّه يمكن أن يقال : بأنّ المقرّ إذا أقرّ في محضر الحاكم بأنّه باع داره لزيد فلا شكّ في أنّ الحاكم يحكم بردّ الدار إلى المشتري من دون استيضاحه في كون البيع فاسدا أم صحيحا ، وهذا دليل على أنّ البيع وضع للصحيح فقط ، وهكذا في سائر ألفاظ المعاملات.
وأمّا جوابه فيحتاج إلى مقدّمة ، وهي : أنّ معنى الوضع للأعمّ ليس استعمال لفظ البيع ـ مثلا ـ في كلّ الموارد في معنى الأعمّ وإرادته ، بل يمكن استعماله فيه وإرادة خصوص البيع الصحيح أو الفاسد ، فإنّ استعماله في خصوص الصحيح أو الفاسد يستلزم المجازيّة ، فلا بدّ من الاستعمال في الأعمّ وإقامة القرينة على إرادة خصوص الصحيح أو الفاسد ، فيكون الاستعمال في الأعمّ على ثلاثة أنحاء من الإرادة ؛ لأنّه قد يستعمل فيه ويراد المعنى الأعمّ ، وقد يستعمل فيه ويراد به خصوص معنى الصحيح بقرينة معيّنة ، وقد يستعمل فيه ويراد به خصوص معنى الفاسد بقرينة معيّنة.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ المقرّ في مقام الإقرار إذا قال : «بعت داري» فقد استعمل لفظ البيع في المعنى الأعمّ ، لكنّه في البين قرينة على انطباق هذا المعنى الأعمّ في خصوص الصحيح ، وهي عدم لغويّة الإقرار في محضر الحاكم ، وكونه أمرا منشئا للأثر ، فنفس عدم لغويّة الإقرار يكون قرينة على انطباق معنى الأعمّ على خصوص الصحيح ، فتكون عناوين المعاملات كالعبادات موضوعة للمعنى الأعمّ.