الثمن ـ مثلا ـ هل لها دخل في صحّة البيع العرفي أم لا؟ وإذا كان الثمن فاقدا للماليّة هل هذا البيع صحيح عند العقلاء أم لا؟ مع أنّا نعلم بعدم دخالتها في صدق أصل عنوان البيع ، فههنا يتمسّك الأعمّي بإطلاق (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، ويحكم بعدم شرطيّة الماليّة ؛ لأنّ الموضوع فيها هو مطلق البيع ، سواء كان صحيحا عند العقلاء أو فاسدا ، فيصدق عنوان المطلق ، بخلاف الصحيحي ، فإنّه يقول بأنّ الموضوع فيها هو البيع الصحيح عند العقلاء ، فإذا شكّ في صحّته عندهم لم يحرز عنوان المطلق ، فلا يصحّ التمسّك بإطلاقه عنده. فيكون هذا ثمرة النزاع بين القولين.
بقيت هنا مسألتان :
الاولى : أنّ البيع في الآية الشريفة لا يمكن أن يكون بيعا شرعيّا ، فإنّ شرعيّته مأخوذة من هذه الآية ، فلا معنى لكون موضوعه فيها بيعا شرعيّا ، فلا بدّ من كونه فيها بيعا عرفيّا ، وإذا كان الأمر كذلك فمعناها أنّ كلّ ما كان عند العقلاء بيعا صحيحا فقد أمضاه الله تعالى ، وكأنّه تحقّقت الملازمة بين صحّة البيع عند العقلاء وصحّة البيع عند الشارع ، وحينئذ يمكن أن يستشكل بأنّا نرى عدم تحقّق الملازمة في موارد متعدّدة ، كالبيع الربوي والبيع الغرري وأمثال ذلك ممّا حكم الشارع ببطلانها ، مع أنّه عند العقلاء يكون من المعاملات المعمولة والشائعة ، فكيف تدلّ الآية بالملازمة بينهما؟!
وجوابه : أنّ الآية تكون بمنزلة قاعدة كلّيّة ، وقد كانت لها مقيّدات متعدّدة لا توجب الخدشة في إطلاقها ؛ لأنّ التقييد كالتخصيص تصرّف في الإرادة الجدّيّة لا في الإرادة الاستعماليّة ، ولذا لا يوجبان التجوّز في لفظ العامّ والمطلق ، وكما أنّ لسائر المطلقات تحقّق المقيّدات ، وفي موارد الشكّ يتمسّك بالإطلاق ،