وهكذا في باب المعاملات ، مع أنّ في خصوص البيع الربوي خصوصيّة لا تتحقّق في موارد أخر ، وهي أنّ التعبير بالإطلاق والتقييد فيما إذا كان القيد متّصلا لا يخلو عن مسامحة وعناية ؛ إذ لا إطلاق في البين ، بل الحكم كان مقيّدا من الابتداء ، فالإطلاق والتقييد يتحقّقان فيما إذا كان القيد منفصلا ، وأمّا في الآية الشريفة فقد ذكرت جملة : (حَرَّمَ الرِّبا) عقيب جملة (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) وكأنّما قال سبحانه : «الربا ليس ببيع» من الابتداء ، ويستفاد من مجموع الجملتين أنّه : أحلّ الله البيع الغير الربوي ، أو أنّ الربا غير مشروع ؛ لأنّه ليس ببيع كما يفهمه العرف من مقابلة البيع والربا في الآية ، فالجملة الثانية تشبه الاولى بدليل الحاكم ، فكأنّ الاولى تقول : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ). والثانية تقول : «البيع الربوي ليس ببيع عند الشارع».
المسألة الثانية : أنّه قد مرّ أنّ نزاع الصحيحي والأعمّي في ألفاظ المعاملات لا يجري إلّا إذا كانت موضوعة للأسباب دون المسبّبات ، وأمّا إن قلنا : بوضعها للمسبّبات ـ كما اختاره شيخنا الأعظم الأنصاري قدسسره (١) والظاهر أنّ الحقّ معه ـ فمعنى الآية أنّ الله تعالى قد أمضى الملكيّة في مورد البيع ، وحينئذ إن شككنا في أنّه إذا كان صيغة البيع بالفارسيّة هل تؤثّر هذه الصيغة في تحقّق الملكيّة أم لا؟ فمع أنّ الشكّ في محدودة الأسباب وإطلاق الآية في محدودة المسبّبات فكيف يكون هذا الإطلاق قابلا للاستناد والتمسّك؟!
أشكل بعض بأنّ بعد ملاحظة الأسباب والمسبّبات يستفاد أنّ المسبّب قد لا يكون له إلّا سبب واحد ، وقد يكون له أسباب متعدّدة ، لكن الأسباب قد تكون كلّها في رديف واحد من حيث التأثير في المسبّب وعدمه. وقد يكون
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٣٧.