بعضها متيقّن التأثير وبعضها مشكوك التأثير ، فإن كان السبب والمسبّب من قبيل القسم الأوّل فلا شكّ في أنّ إمضاء المسبّب بقوله : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) يستلزم إمضاء السبب أيضا ، وكذلك في القسم الثاني ، فإنّ إمضاء المسبّب يستلزم إمضاء جميع الأسباب ؛ لأنّها في رديف واحد ، إلّا أنّ هذين القسمين قلّما يتحقّقان ، وأمّا إذا كان من قبيل القسم الثالث وشكّ في شرطيّة العربيّة في عقد البيع ـ مثلا ـ ونعلم أنّ إجراءه باللغة العربيّة مؤثّرة في السببيّة ونشكّ في تأثير اللّغة الفارسيّة فيها ، فلا محلّ للتمسك بإطلاق (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) لنفي شرطيّة العربيّة ، وهذا إشكال مهمّ ويترتّب عليه في الفقه ثمرات متعدّدة ، وهذا القسم محلّ ابتلاء وشائع بين الناس ، فكيف يندفع الإشكال هنا؟
وقال المحقّق النائيني قدسسره (١) في مقام جوابه : إنّ نسبة صيغ العقود إلى المعاملات ليست نسبة الأسباب إلى مسبّباتها حتّى يكونا موجودين خارجيّين يترتّب أحدهما على الآخر ترتّبا قهريّا ، بل نسبتها إليها نسبة الآلة إلى ذيها ؛ بداهة أنّ قول : «بعت» أو «أنكحت» ليس بنفسه موجدا للملكيّة أو الزوجيّة في الخارج نظير الإلقاء الموجود للإحراق ، فإذا لم يكن من قبيل الأسباب والمسبّبات فليس هناك موجودان خارجيّان حتّى لا يكون إمضاء أحدهما إمضاء للآخر ، بل كان كلّ واحد منهما موجودا بوجود واحد ، وحينئذ لا فرق بين أن يكون إطلاق (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ناظرا وشاملا للآلة أو ذيها ، فيكون إمضاء أحدهما ملازما لإمضاء الآخر ، فيتمسّك بالإطلاق في صورة الشكّ في جزئيّة شيء أو شرطيّة شيء ونفيها به.
ولكنّ الجواب مخدوش من جهتين :
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٨١ ـ ٨٢.