المعاني غير متناهية فلا بدّ من الأوضاع الغير المتناهية ، وصدورها من واضع متناه محال.
وثانيها : أنّه لو سلّم إمكان الاشتراك حينئذ بدعوى أنّ الواضع هو الله تعالى إلّا أنّه من البديهي أنّ الوضع مقدّمة للاستعمال ولإبراز الحاجة والأغراض ، وهو من البشر لا منه تعالى ، فحينئذ وضع الألفاظ بإزاء المعاني الغير المتناهية يكون لغوا محضا ، ولا يترتّب عليه الأثر ، فلا يصدر عن الواضع الحكيم ، فإنّه زائد على مقدار الحاجة إلى الاستعمال.
وثالثها : أنّ المعاني الجزئيّة وإن كانت غير متناهية لكنّها لا تقتضي الأوضاع الغير المتناهية ؛ لإغناء الوضع للمعاني الكلّيّة المتناهية عن الوضع للمعاني الجزئيّة الغير المتناهية ، كما أنّ الأمر كذلك في جميع أسماء الأجناس ، فإنّ لفظ الأسد ـ مثلا ـ موضوع لطبيعي ذلك الحيوان الخاصّ ثمّ نستعمله في كلّ فرد من أفرادها من دون أن تكون لأفرادها أسماء خاصّة فلا داعي إلى وجوب الاشتراك.
ورابعها : أنّ باب التفهيم والتفهّم ليس منحصرا بالاستعمال الحقيقي ، بل يمكن إفهام المعاني بالاستعمال المجازي ، فإنّ باب المجاز واسع ، ولا مانع من أن يكون الاستعمال لمعنى واحد حقيقيّا ولمعان متعدّدة مجازيّة ، فلا موجب لوجوب الاشتراك في الألفاظ. هذا تمام كلامه في مقام الجواب عن القول بوجوب الاشتراك.
ويضاف إليه ما ينسبق إلى الذهن من أنّه لا مانع من وضع لفظ مخصوص لمعنى غير متناهي ، مثل : وضع لفظ «الله» لذات واجب الوجود.
ولا يخفى أنّ ما أفاده قدسسره في الجواب الأوّل من احتياج كلّ معنى من المعاني