إلى وضع على حدة مناف لما مرّ منه قدسسره في باب الوضع ؛ لأنّ من أقسام الوضع المذكورة فيه هو الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ ، ومعناه ملاحظة معنى كلّي ووضع اللفظ لمصاديقه ، ومعلوم أنّ بين المصاديق تحقّق التباين ، فيمكن أن يكون للفظ واحد ألف ألف معنى ، مع أنّه يتحقّق بوضع واحد ، فيتحقّق الاشتراك اللفظي بدون الاحتياج إلى أوضاع متعدّدة ، ولا معنى لهذا القسم من الوضع سوى الاشتراك اللفظي ، فالقائل بهذا القسم من الوضع كيف ينكر وحدة الوضع في باب الاشتراك؟! فلا بدّ لمن قال بإمكان تصويره ـ كالمحقّق الخراساني قدسسره ـ من وحدة الوضع في باب الاشتراك ، وذكرنا فيما تقدّم أنّ هذا القسم من الوضع لا إمكان له لا وقوعا ولا تصوّرا. فهذا مناقشة في كلامه قدسسره مع أنّ أصل ما أفاده قدسسره في كمال المتانة والتماميّة.
واستدل القائل بالاستحالة بوجوه :
منها : أنّ الاشتراك ينافي حكمة الوضع وهي التفهيم والتفهّم بسهولة ، فإنّ إبراز المقاصد لا يمكن في جميع الموارد إلّا باللفظ ، وأمّا غيره ـ كالإشارة ونحوها ـ فلا يفي بذلك في المحسوسات فضلا عن المعقولات ـ فنحتاج إلى الوضع لسهولة التفهّم والتفهيم ، وحيث إنّ الاشتراك مخلّ بذلك ؛ لأنّ نسبة اللفظ إلى كلّ من المعنيين أو المعاني على حدّ سواء ، وخفاء قرائن المراد نوعا فتبطل حكمة الوضع ، فصدوره عن الواضع الحكيم محال.
وأجاب عنه صاحب الكفاية قدسسره بوجهين : الأوّل : أنّ إمكان الاتّكال في تفهيم المعنى الذي أراده على القرائن الواضحة الدالّة من الواضحات ، فإنّ اللفظ المشترك وإن لم يدلّ على المقصود بنفسه ولكنّه يدلّ عليه بواسطة ضمّ قرينة إليه ، فلا يلزم منافاة لحكمة الوضع.