ومحقّق ؛ إذ التثنية وضعت للطبيعتين أو للفردين من طبيعة واحدة ، فإذا استعملت في أربعة أفراد من طبيعتين فلا محالة تلغى قيد الوحدة المعتبرة في الموضوع له ، فالتثنية تشارك حينئذ المفرد في كون الاستعمال في كليهما على نحو المجاز ، ولا يجري هذا الاستدراك في الجمع ، كما لا يخفى. هذا تمام توضيح كلامه قدسسره.
ولكنّ التحقيق أنّه لا يمكن استعمال التثنية والجمع في أكثر من معنى أصلا ، فإنّ هيئة التثنية والجمع ـ أي الألف والنون أو الواو والنون ـ موضوعة للدلالة على إرادة المتعدّد من مدخولها ، وتدلّ على تضاعف المفرد ، فإن اريد من المفرد ككلمة العين ـ مثلا ـ في قولك : «رأيت عينين» المعنيان ـ كالجارية والباكية ـ فالهيئة الطارئة عليها تدلّ على فردين من الجارية وفردين من الباكية ، وهذا ليس من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، بل هو من باب استعمال المفرد في ذلك ، فإنّ التثنية مستعملة في معناها الموضوع له الذي يدلّ على تضاعف المفرد ، وهذا بعينه نظير ما إذا ثنّي يكون متعدّدا من نفسه كالطائفة في قولنا : «رأيت طائفتين» فكما أنّه لم يذهب إلى وهم أحد أنّ التثنية في أمثال هذه الموارد مستعملة في أكثر من معنى فكذلك في المقام.
والحاصل : أنّ دلالة الهيئة تابعة للمفرد والمادّة ، فإن اريد بالمادّة طبيعة واحدة ـ كالذهب ـ فالهيئة تدلّ على إرادة المتعدّد منه ، وإن اريد بالمادّة الطبيعتان المختلفتان فالهيئة تدلّ على إرادة المتعدّدة منهما ، فلا معنى لاستعمال التثنية والجمع في أكثر من معنى رأسا ، فيكون محلّ النزاع في هذا البحث لفظ المفرد فقط ، والاستعمال في أكثر من معنى كان فيه على نحو الحقيقة كما مرّ.