ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قدسسره (١) بعد ما قال باستحالة استعمال اللفظ في أكثر من معنى أشار في خاتمة كلامه إلى ما يوهم وقوع ذلك ، وهو : أنّ الأخبار الدالّة على أنّ للقرآن بطونا سبعة أو سبعين تدلّ على وقو ع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد فضلا عن جوازه ، مع أنّ أكثر ألفاظ القرآن ليس بمشترك ، ومن المعلوم تنافي الوقوع للاستحالة العقليّة فكيف يمكن القول بالاستحالة؟!
ثمّ أجاب عنه في الكفاية (٢) بأنّ بين مفاد الأخبار ومحلّ النزاع فرقا واضحا (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ)(٣) ، فإنّا نبحث في عدم جواز استعمال لفظ المشترك في المعنيين في عرض واحد بلا تقدّم وتأخّر بحيث إنّه استعمل في كلّ واحد مستقلّا ، ولا دلالة لهذه الأخبار على أن يكون معنى الباطن مع معنى الظاهر كذلك ، بل لا دلالة لتلك الأخبار على أنّ إرادة تلك البطون كانت من باب استعمال اللفظ في المعنى حتّى تنافي ما ذكرنا «من استحالة الاستعمال في أكثر من معنى» ، فإنّها تجري فيها احتمالات تمنع عن ظهورها في كون إرادة البطون من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى.
ثمّ ذكر قدسسره احتمالين منها : أحدهما : أنّه يمكن أن تكون البطون مرادة بالاستقلال من دون دلالة الألفاظ عليها ، لكنّها تكون مقارنة لاستعمال الألفاظ في معانيها ، كما إذا قال : قام زيد ـ مثلا ـ وأراد مقارنا لهذا الكلام معنى آخر كحلول زمان الحصار أو غيره من المعاني المستقلّة التي تراد مقارنة لاستعمال اللفظ في معناه من دون دلالة لذلك اللفظ ولو بالالتزام عليها.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٥٧.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الرحمن : ٢٠.