عن جميع الهيئات وليست لها هيئة خاصّة ، ولا تكون فيها خصوصيّة سوى ترتيب حروفها وعدم الزيادة والنقيصة فيها ، فوضع الواضع حروف «ض» و «ر» و «ب» لمعنى خاليا عن النسبة ، وحينئذ كان لفظ المادّة ومعناها محفوظين في جميع المشتقّات.
واورد على هذا الكلام إشكالات متعدّدة ، ولكنّ جميعها قابل للدفع.
منها : أنّ اللفظ عبارة عن المادّة والهيئة ، ولا يقال للمادّة بدون الهيئة : لفظا ؛ لأنّ المادّة الخالية عن التحصّل لا تكون قابلة للتلفّظ ، مع أنّ اللفظ الموضوع لا بدّ من كونه قابلا للتلفّظ به.
وجوابه : أنّ اللفظ لا يستعمل بدون الهيئة أبدا ، ولكن الغرض من وضع المادّة ليست الإفادة الفعليّة ، بل هي موضوعة بالوضع التهيّئي لاستعمالات اشتقاقيّة ، فلا يكون وضعها وضعا مستقلّا في قبال وضع المشتقّات ؛ إذ لا نحتاج إلى إفادة نفس المادّة إلّا قليلا ، وتهيّؤ الواضع لهذا الاستعمال النادر هيئة مخصوصة كما سيأتي في الجواب عن الإشكال الثاني.
ومنها : أنّ اسم المصدر وكذا المصدر موضوع لنفس الحدث الخالية عن النسبة ، كما هو المشهور بين النحويّين ، وعلى هذا لا فائدة في وضعه للحدث العارية عن النسبة بعد وضع المادّة له أيضا.
وجوابه : أنّ هيئة اسم المصدر لا تفيد معنى وراء ما تفيد مادّتها ؛ لأنّ المادّة وضعت لنفس الحدث ، لكن لا يمكن التلفّظ بها ، وربّما نحتاج إلى إظهار ذلك ، فوضعت هيئته لا لإفادة معنى من المعاني ، بل لكونها آلة للتلفّظ والتنطق بالمادّة.
ومنها : أنّ لازم ذلك هو دلالة المادّة على معناها وإن تحقّقت في ضمن هيئة