واعلم أنّ المحقّق الخراساني قدسسره (١) بعد القول بخروج الأفعال والمصادر المزيد فيها عن حريم النزاع لكونها غير جارية على الذوات ولا تحمل عليها ، ذكر بالمناسبة أنّه قد اشتهر في ألسنة النحاة دلالة الفعل على الزمان حتّى أخذوا الاقتران به في تعريفه وجعلوه فارقا بينه وبين الاسم ، وهو اشتباه.
واورد على هذا الكلام إشكالات متعدّدة :
منها : أنّ جميع الأفعال لا تقترن بالزمان ولا تدلّ عليه ؛ إذ الأمر والنهي مع أنّهما من الأفعال لم تؤخذ في معناهما الخصوصيّة الزمانيّة أصلا ، فإنّهما وضعا لإنشاء طلب الفعل أو الترك من دون دلالتهما على الزمان ، غاية الأمر أنّ الإنشاء بهما وقع في الحال ، كما هو الحال في الإخبار بالجملة الاسميّة مثل : «زيد قائم» أو بالماضي أو المستقبل ، فلا تكون ظرفيّة زمان الحال للإنشاء والإخبار بالأفعال المذكورة دليلا على كونه جزء لمدلولها كما لا يخفى.
ومنها : أنّه يمكن منع دلالة الفعل الماضي والمستقبل على الزمان بالوضع بحيث يكون جزء لمدلولهما أيضا ، فإنّ الفعل إذا اسند إلى نفس الزمان ، مثل :
مضى الدهر والأيام والذنب حاصل |
|
وجاء رسول الموت والقلب غافل |
لزم تجريد الفعل عن الزمان والالتزام بالمجازيّة ؛ إذ الزمان لا يكون في زمان آخر.
وهكذا إذا اسند إلى المجرّدات مثل : «علم الله» و «خلق الله» ، فإن كان الزمان مأخوذا في مدلول الفعل فلا بدّ من تجريده عنه في هذه الأمثلة ، وكون استعماله فيها مجازا ، مع أنّه لا شكّ في أنّ هذه الاستعمالات حقيقة.
نعم ، إذا اسند إلى الزمانيّات ـ أي ما كان الزمان ظرفا لوجوده كغالب
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٦١ ـ ٦٢.