الموجودات ـ فتدلّ على الزمان ، لكنّ هذه الدلالة مستندة إلى الإطلاق والإسناد إلى الزمانيّات ، لا إلى الوضع الذي يقول به النحاة.
ثمّ استشهد صاحب الكفاية قدسسره (١) لتأييد هذه المسألة بشاهدين ، لكن لا نطيل الكلام بذكرهما ، بل نذكر متمّما ومكمّلا لبيانه ، وهو : أنّ الأساس والمحور في باب الأفعال هي الهيئة لا المادّة ـ مثل شيئيّة الشيء بصورته لا بمادته ـ فقد مرّ أنّ مداليل الهيئات معان حرفيّة ، ومعلوم أنّ للمعاني الحرفيّة واقعيّة متحقّقة ، إلّا أنّ سنخ وجودها مغاير لسنخ وجود سائر الموجودات ؛ لأنّ الوجودات على أقسام بعضها لا يفتقر في وجوده إلى شيء أصلا ـ مثل وجود الجوهر ـ وبعضها يفتقر في وجوده إلى شيء واحد ـ مثل وجود العرض ـ وبعضها في أدنى مراتب الوجود ؛ إذ يفتقر في وجوده إلى شيئين كالظرفيّة في جملة «زيد في الدار» ، فإنّها تفتقر في وجودها إلى الظرف والمظروف ، فكما أنّ جملة «الجسم له البياض» حاكية عن الواقعيّة العرضيّة ، كذلك جملة «زيد في الدار» حاكية عن الواقعيّة ، وهي المعنى الحرفي ، أي كون زيد في الدار ، وهو قائم بالطرفين.
وقد سبق أن ذكرنا نكتة في المعاني الحرفيّة ، ولا يخلو ذكرها في المقام عن فائدة ؛ لدفع ما توهّمه الأعاظم ، ومنهم صاحب الكفاية قدسسره فاعلم أنّ المشهور قائل بأنّ الوضع في المعاني الحرفيّة عامّ والموضوع له فيها خاصّ ، يعني لاحظ الواضع حين الوضع معنى كلّيّا فوضع اللّفظ لمصاديقه.
وقال المحقّق الخراساني قدسسره (٢) أنّه : إذا كانت الجملة خبريّة مثل : «سرت من
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) كفاية الاصول ١ : ١٣ ـ ١٤.