قيدا ونسبة إليه. وأمّا هيئة الأفعال فوضعت للدلالة على تحقّق الارتباط بين الحدث والفاعل مثل : «ضرب زيد» فإنّ هذه الهيئة وضعت للحكاية عن تحقّق صدور الحدث من الفاعل ، وهذا معنى حرفي يحتاج إلى شيئين ، فكما أنّ جملة «زيد في الدار» حاكية عن الواقعيّة المتقوّمة بالطرفين ، كذلك هيئة الفعل حاكية عن الواقعيّة المتقوّمة بالطرفين ، يعني صدور الحدث من «زيد» مثلا.
ولكنّ هيئتا فعل الماضي والمضارع مع اشتراكهما في المادّة والارتباط الصدوري والمعنى الحرفي كانت لها خصوصيّة توجب الافتراق بينهما ، وهي عبارة عن التحقّق والانطباق على زمان الماضي في فعل الماضي إذا كان فاعله زمانيّا ، وعن الترقّب والانطباق على زمان الاستقبال في فعل المضارع إذا كان فاعله كذلك ، لكن لا بمعنى وضع اللفظ بإزائهما ، بل بمعنى وضع اللفظ لمعنى ينطبق عليهما ، فيكون مفاد هيئة الفعل مستقلّا في عالم المفهوميّة ، وأمّا في تحقّقه الخارجي فيحتاج إلى الطرفين كالحروف ، إلّا أنّ وضع مادّة الحروف لا يكون مستقلّا في قبال وضع هيئتها ، بخلاف الأفعال ، فإنّه كان لكلّ من الهيئة والمادّة منها وضع مستقلّ ، ولكن مع ذلك يكون تحصّل المادّة بالهيئة ، فيما فهم من فعل الماضي مادّة وهيئة عبارة عن شيء واحد.
ثمّ إنّ استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) قائل بالفرق بين الفعل الماضي المتعدّي واللازم ـ على ما في تقريراته ـ من حيث الوضع ؛ بأنّ الارتباط المتحقّق بين المبدأ والذات في الأوّل ارتباط صدوري ، نحو «ضرب زيد» يعني صدر الضرب منه. وأمّا في الثاني حلوليّ بنحو «قام زيد» يعني اتّصف «زيد» بالقيام ، وحينئذ لا بدّ من القول بتعدّد الوضع في فعل الماضي.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ١٠٨ ـ ١٠٩.