للجري فقط ـ حقيقة إذا كان متلبّسا بالضرب في الأمس في المثال الأوّل ومتلبّسا به في الغد في الثاني ، فجري المشتقّ حيث كان بلحاظ حال التلبّس وإن مضى زمانه في أحد المثالين ولم يأت بعد في الآخر كان حقيقة بلا خلاف ، ولا ينافيه الاتّفاق على أنّ مثل «زيد ضارب غدا» مجاز ، فإنّ الظاهر أنّه فيما إذا كان الجري في الحال والتلبّس في الاستقبال».
لكنّ التحقيق : أنّ سرّ المسألة ـ كما قال به استاذنا السيّد الإمام قدسسره وغفله نوع من المحققين ـ عبارة عن أنّ المراد بالحال في عنوان البحث ليس أحد الأزمنة المذكورة ؛ إذ لا دخل للزمان أصلا في باب المشتقّ ، وأثبتنا مع التكلّف أنّه لا دخل للزمان في مدلول الأفعال ، وأمّا المشتقّات الداخلة في محلّ البحث ـ كاسم الفاعل والمفعول ـ فلا دخل للزمان في مدلولها قطعا.
على أنّ النزاع في باب المشتقّ يدور مدار معنى الهيئة والموضوع لها ، ومن المعلوم أنّ الحمل متأخّر عن مقام الوضع ، فإنّ حمل الإنسان على زيد ـ مثلا ـ متفرّع على العلم بمعنى الإنسان ، فلا دخل لحال النسبة في ما نحن فيه ، وهكذا التكلّم باللّفظ متأخّر عن اللفظ ووضعه ، فكيف يكون هناك دخل لحال النطق في الموضوع المتقدّم عليه من حيث الرتبة؟! مع أنّه لو كان المراد بالحال في العنوان حال التلبّس بأنّ المشتقّ حقيقة في المتلبّس بالمبدإ في حال التلبّس أو الأعمّ منه فهو يصدق على المنقضي قطعا ؛ إذ المنقضي أيضا كان متلبّسا بالمبدإ في حال التلبّس ، فيكون البحث هاهنا في المفهوم اللّغوي التصوّري ، وأنّ هيئة الفاعل ـ مثلا ـ وضعت لمعنى لا ينطبق إلّا على من يصدر منه المبدأ أو لمعنى أعمّ منه.
وبعبارة اخرى : أنّ الجامع الانتزاعي الموضوع له ينطبق على الفرد المتلبّس بالمبدإ فعلا فقط أو ينطبق على المنقضي أيضا.