وربّما يتوهّم أنّ بعض المشتقّات لا يكون متلبّسا بالمبدإ كالمعدوم والممتنع ، فإنّ الذات فيهما تكون متلبّسة بالعدم ، إلّا أنّ ثبوت التلبّس بالعدم للذات متوقّف على ثبوت الذات ؛ للقاعدة الفرعيّة ؛ بأنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، مع أنّ تحقّق الذات والتلبّس بالعدم من الممتنعات التي لا تنكر.
وجوابه : أنّ القاعدة الفرعيّة تجري إذا تحقّقت الذات واقعا ، ثمّ تلبّسها بالمبدإ ، فإن قلنا بتركّب معنى المشتقّ بأنّ معنى المعدوم عبارة عن ذات ثبت له العدم فيلزم هذا الإشكال ، وأمّا إن قلنا ببساطة معنى المشتقّ ـ كما سيأتي ـ فلا مجال لجريان القاعدة المذكورة ، فالتلبّس بالمبدإ متحقّق في جميع المشتقّات ، إلّا أنّ تلبّس كلّ شيء بحسبه ، حتّى في مثل المعدوم والممتنع مع ملاحظة جهتين فيهما : الاولى : أنّ للمشتق معنى تصوريّا ومفردا ، الثانية : أنّ له معنى بسيطا غير مركّب. هذا إذا لوحظ كلّ من الممتنع والمعدوم مجرّدا ومفردا.
وأمّا إذا قلنا بصورة القضيّة مثل «زيد معدوم» و «شريك الباري ممتنع» فهل تجري القاعدة الفرعيّة فيهما أم لا؟ ومن المعلوم أنّ الحمل فيهما حمل شائع صناعي ، وملاكه الاتّحاد في الوجود ، فيتّحد شريك الباري مع الممتنع في الوجود ، وهكذا في «زيد معدوم» ، وحينئذ تحكم القاعدة المذكورة بأنّ ثبوت الامتناع لشريك الباري فرع ثبوت شريك الباري ، فلا بدّ من تحقّقه ووجوده حتّى يحمل الممتنع عليه ، فيلزم انقلاب العدم بالوجود والامتناع بالإمكان.
وأجاب عنه المحقّق الأصفهاني قدسسره (١) تبعا لصدر المتألّهين (٢) : أنّ صدق
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ١٩٢.
(٢) الأسفار ١ : ٣٤٧.