إلى كلمة العرض ، إلّا أنّه توجد في كلام أهل المنطق قرينة لدفع هذا الإشكال ، حيث قالوا : «موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة» ، ولا نرتاب في التفاتهم إلى العلوم ، مثل الفقه ، وأنّ كلّ مسائله امور اعتباريّة ، مع هذا لم يقولوا : «موضوع علم المنطق ...» ، بل قالوا : «موضوع كلّ علم ...» ، وهذا قرينة على أنّ المراد من العرض هاهنا ليس العرض في مقابل الذات والذاتيّات ، ولا العرض في مقابل الجوهر ، بل المراد منه المحمول الذي يحمل على الشيء ، والوصف الذي يتّصف به الشيء ، سواء كان له واقعيّة أم لا ، مثل : «هذا الإنسان حرّ أو عبد».
والمراد من الذاتي ليس ما فسّره المشهور ، بل المراد منه ما فسّره المحقّق الخراساني قدسسره والمرحوم السبزواري ، أي بلا واسطة في العروض.
وأمّا ما أورده سيّدنا الاستاذ ـ دام ظلّه ـ بنقضه بعلم الجغرافيا فقابل للدفع ، بأنّ عنوان الموضوع فيه مع عنوان موضوعات مسائله عنوان الكلّي والجزئي ، لا عنوان الكلّ والجزء ، فإنّ لازمه عدم ترتّب الأثر والغرض المقصود منه إذا لم يعرف خصوصيّات جغرافيا جميع أنحاء الأرض ؛ لأنّ الغرض المترتّب على المركّب لا يتحقّق إلّا بتحقّق المركّب بأجمعه ـ كالصلاة التي لو نقص حرف منها عمدا لا يترتّب عليها الغرض المقصود منها ـ مع أنّه من البديهي يترتّب غرض الجغرافيا على كلّ مقدار يعلم منه ـ مثل علم النحو الذي يحصل الغرض بالنسبة إلى كلّ مسألة منه ـ وإلّا فليس في العالم من يعلم خصوصيّات جغرافيا جميع أنحاء الأرض. ومن هنا نستكشف أنّ النسبة بينهما نسبة الكلّي إلى الجزئي.
وعلى هذا المبنى تدفع جميع الإشكالات المذكورة ، ويبقى في المسألة إشكال