يعني من كان متلبّسا بالزنا في ظرف تحقّق الزنا ، ولا شكّ في أنّ استعمال المشتقّ بلحاظ حال التلبّس في موارد الانقضاء حقيقة.
وثالثا : أنّ الاستعمال في المنقضي في القضايا الحقيقيّة غير معقول ، بل يكون الاستعمال فيها دائما في المتلبّس ، فإنّ القضيّة إن كانت خارجيّة ـ مثل زيد ضارب ـ يتصوّر لها حالتي التلبّس والانقضاء ، وأمّا إن كانت حقيقيّة فلا يعقل فيها حال الانقضاء ؛ إذ الموضوع فيها عبارة عن الأفراد المقدّرة الوجود والمحقّقة الوجود ، ولا يختصّ بالأفراد المحقّقة الوجود وحدها ، كما في قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)(١) ، وقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٢) ، فإنّ المراد منهما أنّ كلّ شخص يفرض تلبّسه بالزنا أو السرقة فهو محكوم عليه بجلدة أو بقطع يده ، فالمشتق في كلتا الآيتين استعمل في المتلبّس ؛ إذ الموضوع فيهما هو كلّ إنسان يفرض تلبّسه بالزنا أو السرقة في الخارج ، ومعلوم أنّه لا يتصوّر له حالتي التلبّس والانقضاء ، بل عنوان الزاني أو السارق صادق دائما فيمن تلبّس بالمبدإ. هذا ما قال به بعض الأعلام.
الرابع : ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره (٣) وهو استدلال الأئمّة عليهمالسلام بقوله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) فقال الخليل سرورا بها : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) قال الله عزوجل : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(٤) على عدم لياقة من عبد صنما أو وثنا لمنصب الإمامة والخلافة تعريضا بمن تصدّى لها ممّن عبد الصنم
__________________
(١) النور : ٢.
(٢) المائدة : ٣٨.
(٣) كفاية الاصول ١ : ٧٤.
(٤) البقرة : ١٢٤.