ومن مجموع ذلك يتبيّن أنّ محلّ النزاع هو البساطة والتركيب بحسب الإدراك والتصوّر ، لا بحسب التحليل العقلي ، بعكس ما يقول به بعض الأعلام ، والدليل العمدة للبساطة أو التركيب في معنى المشتقّ مثل أصل معناه هو التبادر ، إلّا أنّ المحقّق الشريف بلحاظ كونه منطقيّا استدلّ بالبرهانين المذكورين.
ولا يخفى أنّ البرهانين المذكورين على فرض صحّتهما لا يثبتان أن يكون معنى المشتقّ بسيطا ؛ إذ يمكن أن يكون مفهوم ومعنى المشتقّ مركّبا بدون دخالة الشيء مفهوما ولا مصداقا فيه خصوصا مع القول بعدم الفرق بين المبدأ والمشتقّ إلّا بالاعتبار ، فيمكن أن يقال : إنّ معنى المشتقّ مركّب من المبدأ ونسبته إلى الذات ، ولا ينفى هذا بالبرهانين المذكورين.
والتحقيق : أنّ برهان المحقّق الشريف مخدوش من أصله.
واجيب عن برهانه الأوّل بأنّ الشيء ليس بعرض عامّ ، وقد ذكرنا فيما تقدّم أنّ ذلك لا يكون قابلا للإنكار بعد صدقه على المقولات العشر المتباينة والواجب والممتنع والممكن ، حتّى على القول بأنّ الشيء هو الوجود ؛ إذ الوجود أيضا لا يكون من ذاتيّات الإنسان كالجنس والفصل.
والجواب الصحيح عنه ـ كما قال به صاحب الكفاية قدسسره (١) وجماعة من الفلاسفة المتأخّرين منهم السبزواري (٢) في حاشيته على منظومته ـ : أنّ «الناطق» ليس بفصل حقيقيّ ، بل هو لازم ما هو الفصل وأظهر خواصّه ؛ إذ لا يمكن وصول أحد إلى حقائق الأشياء وفصولها الحقيقيّة ما عدا الباري سبحانه
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٧٨ ـ ٧٩.
(٢) يستفاد هذا من حاشيته على الأسفار ٢ : ٢٥.