كون ثبوت القيد ضروريّا لا يضرّ بدعوى الانقلاب ، فإنّ المحمول ـ كالضاحك في المثال ـ إمّا هو ذات المقيّد ؛ بأن يكون القيد خارجا عنه والتقيّد داخلا فيه ، وإمّا هو مجموع القيد والمقيّد. وعلى الأوّل يلزم الانقلاب قطعا ؛ إذ المفروض أنّ المحمول هو ذات المقيّد كالإنسان الذي هو جزء لمعنى الضاحك ، وثبوته للإنسان ضروري بلا ريب ، وأمّا التقيّد بالضحك بلحاظ كونه معنى حرفيّا قائما بالذات المقيّد فلا يصلح للحمل الذي لا بدّ فيه من اللحاظ الاستقلالي ، فالقضيّة لا محالة تكون ضروريّة.
وعلى الثاني يلزم الانقلاب أيضا ، إلّا أنّه في جزء القضيّة لا في تمامها ؛ لأنّ المحمول مركّب يحمل كلّ جزء منه على الموضوع ، ولذا تنحلّ قضيّة : «الإنسان ضاحك» إلى قضيّتين ، وهما : «الإنسان إنسان» و «الإنسان له الضحك» ؛ لأنّ المفروض أنّ «ضاحك» ينحل إلى «إنسان له الضحك» ، فإنسان المطوي في الضاحك يحمل على الإنسان الموضوع ، ولا شكّ في أنّ هذه القضيّة ضروريّة ، كما أنّ الجزء الآخر من المحمول المركّب ـ وهو له الضحك ـ يحمل أيضا على الإنسان الموضوع ، ويقال : «الإنسان له الضحك» ، وهي قضيّة ممكنة ، فالانقلاب إلى الضروريّة ثابت على كلّ حال ، سواء كان المحمول ذات المقيّد أم المجموع من القيد والمقيّد.
ثمّ استشهد بكلام الشيخ والفارابي في عقد الوضع بقوله : فعقد الحمل ينحلّ إلى القضيّة ، كما أنّ عقد الوضع ينحلّ إلى قضيّة مطلقة عامّة عند الشيخ ، وقضيّة ممكنة عامّة عند الفارابي. والمراد من المطلقة العامّة أن تكون الفعليّة مأخوذة في الموضوع ، فالمقصود من الإنسان الموضوع في قضيّة ما يكون بالفعل إنسانا ، بخلاف الممكنة العامّة فإنّ المراد منها أن تكون الإمكان