والغريب منه مقايسته عقد الحمل بعقد الوضع ، والقول بأنّ عقد الحمل ينحلّ إلى قضيّة كما أنّ عقد الوضع ينحلّ إلى قضيّة.
ووجه الغرابة : أنّ هذا ليس بمعنى الانحلال الحقيقي إلى القضيّتين المذكورتين حتّى تكون قضيّة واحدة منحلّة إلى أربع قضايا من جهة انحلال عقد الوضع وعقد الحمل ، بل معناه انحلال المحمول إلى أمرين وقضيّة واحدة مثل أن يكون المحمول جملة ، فكما أنّ رجوع عقد الوضع إلى ممكنة عامّة أو مطلقة عامّة لا يوجب انحلال أصل القضيّة إلى قضيّتين كذلك في عقد الحمل ، فلا يستلزم تركّب معنى المشتقّ انقلاب مادّة الإمكان إلى الضرورة كما عرفت.
ثمّ إنّ الجزء الثاني من كلام المحقّق الشريف ـ وهو دخالة مصداق الشيء في معنى المشتقّ ـ خارج عن محلّ النزاع ، فإنّه يستلزم أن يكون الوضع في المشتقّ عامّا والموضوع له خاصّا ، مع أنّه لم يقل به أحد القائلين بالتركيب والبسيط ، حتّى أنّ القائلين بعدم الفرق بين المشتقّ والمبدأ إلّا بالاعتبار سلّموا كون الموضوع له فيه عامّا ، ولم يقل أحد منهم بأنّ بينهما فرقا آخر ، وهو كون الموضوع له في المشتقّ خاصّا ، على أنّ مصداق الشيء في القضايا الحمليّة ك «زيد كاتب» كان معيّنا ، وكذا إذا كان المشتقّ عنوانا يختصّ بنوع خاصّ كالضاحك ـ مثلا ـ وأمّا إذا لم يختصّ العنوان بنوع خاصّ كقولنا : «حسّاس متحرّك بالإرادة» فتحصيل المصداق أمر لا يمكن المساعدة عليه ، فلا بدّ لنا إمّا من الالتزام بالإبهام في معناه ، وإمّا من الالتزام بأخذ مفهوم الشيء في معنى المشتقّ ، ولكن الإبهام مردود ؛ لعدم الفرق بين الكاتب والمتحرّك من جهة عدم الإبهام في المعنى.
فمحلّ البحث ومدار الكلام هو أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتقّ ولا ينفيه