كان قابلا للتصريف والاشتقاق ، إلّا أنّ لفظ الأمر لم يوضع بإزاء القول المخصوص من هذه الحيثيّة ، وإلّا لم يكن لتوهّم عدم إمكان الاشتقاق والصرف منه ، بل هو موضوع بإزائه من الحيثيّة الثانية ، ومن الطبيعي أنّه من هذه الحيثيّة غير قابل لذلك ، كما عرفت. فما أفاده قدسسره مبني على الخلط بين هاتين الحيثيتين.
وفيه : أوّلا : أنّه لا دليل على كون محلّ النزاع هو اللفظ من حيثيته الثانية ، بل يمكن القول بأنّ محلّ النزاع هو اللفظ من الحيثيّة الاولى ، مع أنّ المسموعيّة التي تكون جزء ذات اللفظ لا يمكن تفكيكها منه ، فلا يعقل لحاظ اللفظ بدون لحاظ كونه مسموعا.
نعم ، يعدّ هذا إشكال على استاذنا السيّد الإمام قدسسره فإنّه لاحظ الاشتقاقيّة بالنسبة إلى اللفظ والمتكلّم ، ولكن يؤيّده قوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)(١) ؛ لأنّ اللفظ أقرب إلى المعنى الاشتقاقي من السواد والبياض قطعا ، وأنّ انتسابهما إلى المكان ـ أي الوجوه ـ يوجب أن يكون لهما معنى اشتقاقيّ ، ومع قطع النظر عن الانتساب لا يتحقّق المعنى الاشتقاقي أصلا ، فإنّ الضرب والقتل مع قطع النظر عن الانتساب إلى القاتل والمقتول والضارب والمضروب واقعيّتان خارجيّتان ، ولا دليل على كونهما حدثيّا.
ولا يتوهّم أنّه إذا كان الانتساب ملاكا في المقام فلا يبقى في العالم معنى غير الاشتقاقي ، فإنّا نقول : إنّ لفظ «زيد» وأمثاله أجنبي عن المعنى الاشتقاقي ، وإن لوحظ انتسابه إلى أشياء متعدّدة فالحقّ مع الإمام قدسسره فإنّ المعنى اللغوي والاصطلاحي واحد ، وهو القول المخصوص ، ولا يكون من الاشتراك بنوعيه
__________________
(١) آل عمران : ١٠٦.