في ذات الحرارتين ، بل المغايرة ترجع إلى الخصوصيّات المشخّصة.
الرابع : أنّ الوجوب هو الطلب المسبوق بالمصلحة الملزمة ، والاستحباب هو الطلب المسبوق بالمصلحة الراجحة الغير الملزمة.
وفيه : أنّ المصالح والمفاسد متقدّمة رتبة على الإرادة ، لكونها من عللها ، فيكون الطلب متأخّرا عن المصالح والمفاسد بمرتبتين ، فلا يصحّ عدّها من مقوّمات الوجوب والاستحباب الذين هما قسمان من الطلب.
الخامس : ما يستفاد من كلام صاحب الكفاية قدسسره (١) في ذيل مسألة استصحاب الكلّي من القسم الثالث ، من أنّه قد لاحظنا الوجوب والاستحباب بالنظر العرفي ، وقد لاحظناهما بالنظر العقلي ، فإذا لاحظناهما بالنظر العرفي فتكون المغايرة بينهما ببعض الذات ، وإذا لاحظناهما بالنظر العقلي فتكون المغايرة بينهما بالنقص والكمال والشدّة والضعف ، فالعقل يحكم بأنّ الوجوب عبارة عن الطلب الكامل ، والاستحباب عبارة عن الطلب الناقص.
ولكنّ المرحوم البروجردي قدسسره (٢) بعد ذكر هذا الكلام بصورة التوهّم أشكل عليه بأنّ الأمر الإنشائي ليس قابلا للشدّة والضعف بنفسه ؛ لأنّه أمر اعتباري صرف ، وليس الامور الاعتباريّة بقابلة للتشكيك بذواتها ، فهذا النوع من التمايز ينحصر في الامور التكوينيّة والواقعيّة ، مثل الوجود ونحوه.
ولا بدّ لنا من توضيح أمرين :
أحدهما : أنّ الامور الاعتباريّة لم لا تكون قابلة للتشكيك؟ والدليل عليه أنّ الأمر الاعتباري يدور مدار اعتبار المعتبر ، فهو إمّا يتحقّق باعتبار من
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٣١٤.
(٢) نهاية الاصول ١ : ١٠٠ ـ ١٠١.