موضوع علم النحو المعرب والمبني.
وأمّا الإشكال الغير القابل للدفع فإنّهم يقولون : بأنّ وحدة الموضوع تكشف عن وحدة الغرض ، فإنّ الغرض في كلّ علم واحد ، والواحد لا يصدر إلّا من الواحد ، ومعلوم أنّ المسائل كانت متعدّدة ، فلا بدّ من قدر جامع بينها ، وهو الذي نسمّيه ب «الموضوع» وهو المؤثّر في الغرض.
وقد سبق جوابه منّا مفصّلا ، ونضيف هاهنا : أنّه بناء على هذا المبنى الذي يوجب التوصّل إلى وحدة الموضوع عبارة عن وحدة الغرض ، فهو الأصل والأساس عندهم ، وعليه يكون تمايز العلوم بالأغراض لا بالموضوعات.
لو قيل : إنّ للغرض عنوان المعلول ، وللموضوع عنوان المؤثّر والعلّة ، ومعلوم أنّ انتساب التمايز إلى العلّة مقدّم على انتسابه إلى المعلول. وبعبارة اخرى : البرهان الذي أقامه المشهور برهان إنّي ، أي إيصال من المعلوم إلى العلّة ، فالتمايز يكون بالعلّة.
قلنا : إنّ برهان الإنّ واللمّ كلاهما يوصل إلى المطلوب والنتيجة ، ولكن ما هو أظهر وأجلى في مسألة وحدة الموضوع ووحدة الغرض هو الغرض وإن كان معلولا ، فلا بدّ من أن يكون تمايز العلوم بتمايز الأغراض.
وأمّا الاحتمال الثاني في كلام المشهور والذي يستفاد من كلام المحقّق الخراساني (١) في الكفاية عند قوله : «قد انقدح بما ذكرنا أنّ تمايز العلوم إنّما هو باختلاف الأغراض الدّاعية إلى التدوين ، لا الموضوعات ولا المحمولات ، وإلّا كان كلّ باب ـ بل كلّ مسألة من كلّ علم ـ علما على حدة» ففيه : أنّ في الكلام قرائن على أنّ تمايز العلوم بتمايز موضوعات المسائل :
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٥.