إحداها : أنّه ذكر بعد كلمة الموضوعات كلمة المحمولات ، ولا شكّ في أنّ المحمولات عبارة عن محمولات المسائل ، فلا بدّ من كون الموضوعات التي قارن بها عبارة عن موضوعات المسائل ، ولا يعقل التفكيك بينهما ، بأن تكون الموضوعات عبارة عن موضوع العلم ، والمحمولات عبارة عن محمولات المسائل ، فهذه قرينة على أنّ المراد من الموضوعات عنده موضوعات المسائل.
الثانية : أنّه قدسسره استشكل على المشهور بأنّه لو كان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات يلزم أن يكون كلّ باب ـ بل كلّ مسألة من كلّ علم ـ علما على حدة ، وهذا الإشكال يتوجّه إلى المشهور على الاحتمال الثاني فقط ؛ إذ لو كان مرادهم التمايز بموضوع العلم والقدر الجامع لا يلزم منه أن تكون كلّ مسألة علما مستقلّا كما هو الظاهر ، وأمّا إن كان مرادهم التمايز بموضوعات المسائل ـ ولا شكّ في أنّ المسائل تكون متباينة ومتغايرة ـ فيلزم أن تكون كلّ مسألة علما مستقلّا.
ولا يخفى أنّ هذا الإشكال يتوجّه إلى احتمال كون تمايز العلوم بتمايز المحمولات أيضا ، فإنّ المحمولات متعدّدة ومتكثّرة ولا يكون لها قدر جامع أو لا يتصوّر لها قدر جامع ، فههنا يكون محلّا للإشكال بأنّه لا يكون للمرفوعيّة والمنصوبيّة والمجروريّة ـ مثلا ـ وجه مشترك ، فيلزم أن تكون كلّها علما مستقلّا ، ولكنّه مع غضّ النظر عن السنخيّة التي نقول بها. والحاصل : أنّ كلام المشهور ليس بصحيح.
والرأي الآخر في المسألة ما يستفاد من ظاهر كلام صاحب الكفاية قدسسره فإنّه بالرغم من موافقته المشهور في أصل الاحتياج إلى الموضوع ووحدته لكنّه خالفهم في هذه المسألة ، وقال : «قد انقدح بما ذكرنا أنّ تمايز العلوم إنّما هو