«الطلب الحقيقي طلب» ، فلا محالة تكون هذه قضيّة حمليّة بالحمل الشائع الصناعي ، وقد يجعل الطلب الذهني موضوعا ويحمل عليه مفهوم الطلب ، وقد يجعل الطلب الإنشائي موضوعا ويحمل عليه مفهوم الطلب.
وقال المرحوم صدر المتألّهين : إنّ هذين الحملين لا يكونان حملا شائعا ولا حملا أوّليّا ذاتيّا ، بل نوع آخر من الحمل ، فإنّ الموضوع في الحمل الشائع لا بدّ أن يكون مصداقا حقيقيّا للمحمول ، فإن كان مصداقا ذهنيّا أو إنشائيّا له فلا يكون حملا شائعا صناعيّا. وكان كلام صاحب الكفاية قدسسره ناظرا إلى هذا المعنى.
ولا بدّ لنا بالمناسبة من ذكر بحث في حقيقة الإنشاء ، قال الشهيد الأوّل ـ في كتاب قواعد الأحكام الذي نظّمه الفاضل المقداد وسمّاه باسم نضد القواعد الفقهيّة (١) ـ : «الإنشاء هو القول الذي يوجد به مدلوله في نفس الأمر».
ولا يكون ذكر القول في كلامه للاحتراز عن غيره ، بل لعلّ ذكره كان لوضوحه وكونه فردا كاملا لما يتحقّق به الإنشاء ، فمقصوده في الواقع أعمّ من القول والفعل ، فالبيع أمر اعتباري يتحقّق بسبب القول والفعل في نفس الأمر ، وتترتّب عليه الآثار عند العقلاء والشارع كالتمليك والتملّك ، وهكذا في النكاح وأمثال ذلك ، ولا يكون البيع ونحوه من الامور الواقعيّة ، فإنّ تحقّقه لا يوجب تغييرا واقعيّا في البائع والمشتري ، ولا الثمن والمثمن ، بل يوجب تبديل الإضافة الاعتباريّة في الثمن والمثمن ، ولا يكون أيضا من الامور الذهنيّة ؛ لأنّ الوجود الذهني عبارة عن تصوّر مفهوم البيع وإيجاد البيع في الذهن لا في عالم الاعتبار ، ولا يبحث في علم الفلسفة عن الامور الاعتباريّة ، بل يبحث فيه عن الواقعيّات ، ولذا تكون واقعيّة الوجود الذهني أيضا موردا للتأمّل ، فلا حظّ
__________________
(١) نضد القواعد الفقهية : ١٣٧.