للامور الاعتباريّة والذهنيّة في هذا العلم.
نعم ، لا ينحصر الوجود الإنشائي في الامور الاعتباريّة ، ولا يشمل جميع المفاهيم والماهيّات ، بل يشمل بعض المفاهيم التي لها مصاديق حقيقيّة ، مثل مفهوم الطلب والاستفهام والتمنّي والترجّي الموجودة في القرآن ، كما قال به صاحب الكفاية قدسسره (١).
والظاهر أنّ المشهور أيضا يقول بأنّ الإنشاء إيجاد المعنى باللفظ.
وأشكل على هذا القول بعض الأعلام في كتاب البيان في تفسير القرآن (٢) ، وملخّص كلامه : أنّ الوجود الإنشائي لا أصل له ، واللفظ والمعنى وإن كانت لهما وحدة عرضيّة منشأها ما بينهما من الربط الناشئ من الوضع ، ومن ذلك يسري حسن المعنى أو قبحه إلى اللفظ ، إلّا أنّ هذا لا يختصّ بالجمل الإنشائيّة ، بل يعمّ الجمل الخبريّة والمفردات أيضا ، وأمّا وجود المعنى بغير وجوده اللفظي فينحصر في نحوين :
أحدهما : وجوده الحقيقي الذي يظهر به في نظام الوجود من الجواهر والأعراض ، ولا بد في تحقّق هذا الوجود من تحقّق أسبابه وعلله ، والألفاظ أجنبيّة عنها بالضرورة.
وثانيهما : وجوده الاعتباري ، وهو نحو من الوجود للشيء ، إلّا أنّه في عالم الاعتبار لا في الخارج ، وتحقّقه باعتبار من بيده الاعتبار ، واعتبار كلّ معتبر قائم بنفسه ويصدر منه بالمباشرة ، ولا يتوقّف على وجود لفظ في الخارج أبدا.
أمّا إمضاء الشارع أو إمضاء العقلاء للعقود أو الإيقاعات الصادرة من
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٢) البيان في تفسير القرآن : ٤٠٩ ـ ٤١٠.