الذي هو المنصرف إليه إطلاقه ـ كما عرفت ـ متّحد مع الإرادة الحقيقيّة التي ينصرف إليها إطلاقها أيضا ، فيكون لفظا الطلب والإرادة من الألفاظ المترادفة كالإنسان والبشر ، ولازم الترادف اتّحاد المعنى في جميع المراحل والمراتب من الوجود الحقيقي والإنشائي والذهني ، فلا فرق بينهما إلّا في مقام الانصراف ، ولكنّه لا ينافي الترادف كما لا يخفى.
والأشاعرة لا محالة تقول على هذا البيان : إنّ الطلب والإرادة لفظان متغايران ، وكان لهما معنيان.
فحاصل النزاع : أنّ المعتزلة تقول : الطلب موضوع لما وضع له لفظ الإرادة ، والأشاعرة تقول : الطلب موضوع لغير ما وضع له لفظ الإرادة.
ومن المعلوم أنّ النزاع بهذه الكيفيّة يكون نزاعا لغويّا ، مثل نزاع الفقهاء في أنّ المراد من لفظ الصعيد هل هو التراب الخالص أو مطلق وجه الأرض؟ ولا شكّ في أنّ هذا بعيد عن محلّ النزاع والاختلاف بين الأشاعرة والمعتزلة ، فإنّ النزاع بينهما يدور مدار تحقّق صفة من الأوصاف الواقعيّة وراء الصفات الثبوتيّة وعدمه ، ولا يكون لترادف لفظي الطلب والإرادة وعدمه دخل في ذلك ، والقول بالترادف لا يستلزم بطلان الكلام النفسي ، كما أنّ القول بعدم الترادف لا يستلزم ثبوت الكلام النفسي.
وأبعد من ذلك ما قال به في مقام التصالح بين المتخاصمين من أنّه يقع الصلح بين الطرفين بأن يكون مراد المعتزلة من اتّحاد الطلب والإرادة اتّحادهما مفهوما ومصداقا وإنشاء ، بمعنى أنّهما متّحدان مع وحدة المرتبة بحيث يكون كلّ منهما عين الآخر في تلك المرتبة ، ومراد الأشاعرة من المغايرة تغايرهما مع اختلاف المرتبة كالطلب الإنشائي والإرادة الحقيقيّة ، فإنّهما متغايران ولا