لنا من الالتزام بالكلام النفسي ، وإلّا لم يكن اتّصاف الجملة بالخبريّة في جميع الصور قابلا للتوجيه.
وجوابه : يظهر بمراجعة الوجدان وبالفحص والتحليل مداليل الجمل الخبريّة بعد كونها من المسائل المبتلى بها في الاستعمالات الشائعة بين الناس ، وإذا قال المخبر : «زيد قائم» فلا نجد في هذه الجملة سوى عدّة من الواقعيّات :الاولى : واقعيّة الألفاظ ، مثل : واقعيّة لفظ «زيد» و «قائم» وحركاتهما ، وتقدّم بعض الحروف على الآخر وأمثال ذلك ، ومثل واقعيّة هيئة الجملة نحو مرفوعيّة لفظ الأوّل بعنوان المبتدأ والثاني بعنوان الخبر ، وتقدّم أحدهما على الآخر.
الثانية : واقعيّة المعاني ، مثل : واقعيّة معنى «زيد» وواقعيّة معنى «القائم» بمادّته وهيئته ، ومثل واقعيّة معنى الجملة.
الثالثة : واقعيّة الإرادة فإنّ التكلّم وصدور اللفظ من المتكلّم فعل من أفعاله الاختياريّة ، فلا بدّ من كونه مسبوقا بالإرادة التي لها مقدّمات ومبادئ ، وفي رأس المبادئ التصوّر.
الرابعة : الواقعيّة النفسانيّة للمخبر ، وهي اتّصافه بإحدى الحالات الثلاث ، فإنّه قد يكون عالما بالمطابقة ، وقد يكون عالما بالمخالفة ، وقد يكون شاكّا بالمطابقة والمخالفة.
الخامسة : واقعيّة مطابقة المخبر به مع الواقع وعدم مطابقته معه.
إذا عرفت هذا فنقول : لا شكّ ولا شبهة في عدم كون أحد هذه الواقعيّات بالكلام النفسي ، وأمّا واقعيّات الألفاظ والمعاني فلا دخل لها بالنفس ، كما أنّ واقعيّة مطابقة المخبر به للواقع وعدمه لا دخل لها بنفس المخبر ، بل كانت هي من أوصاف الجمل الخبريّة.