اختلفوا في كيفيّة هذا الارتباط ، وقالت الأشاعرة : إنّه لا بدّ من كون المبدأ قائما بالذات بالقيام الحلولي ، ولاحظت هذا المعنى في قولنا : الجسم أبيض أو أسود ، فإنّ البياض أو السواد قائمان بالجسم بالقيام الحلولي ، وهما حالان في الجسم ، والجسم محلّ لهما ، ثمّ فرضت هذا المعنى بعنوان الضابطة الكلّيّة في جميع المشتقّات.
ثمّ قالت : تجري هذه القاعدة في إطلاق المتكلّم المشتقّ على الله تعالى ، ولا بدّ أن يكون بين الكلام وذات الباري ارتباط بنحو القيام الحلولي ، فحينئذ لا يعقل أن يكون الكلام اللفظي مع كونه من الامور المتصرّمة والمتدرّجة والحادثة حالّا في ذات الباري ، فلا بدّ من الالتزام بالكلام النفسي الذي هو حالّ في ذات الباري وقديم بقدمه. هذا محصّل ما قالت به الأشاعرة في تحقّق الكلام النفسي لذات الباري.
وفيه : أنّ مبنى الأشاعرة لا دليل عليه ، مع أنّه مناف لأكثر المشتقّات ، ولا تجري هذه الضابطة المسلّمة عندهم في أكثرها ، ولا ينحصر المشتقّ بما يجري فيه هذا المعنى كالأبيض والأسود وأمثال ذلك ؛ إذ لا شكّ في أنّ الضارب والقاتل يكونان من المشتقّات ، مع أنّ مبدأيهما ـ أي الضرب والقتل ـ قائمان بالذات بالقيام الصدوري لا الحلولي ، وهكذا أمثالهما.
وأوضح من ذلك أنّه لا شكّ في أنّ إطلاق المالك على «زيد» يكون بنحو الحقيقة ، مع أنّ الملكيّة أمر اعتباري اعتبرها الشارع والعقلاء ، ولا يكون بإزائها شيء في الخارج ، فلا قيام في البين ، فضلا من أن يكون بنحو الحلول ، وهكذا العناوين ، مثل : الزوج والزوجة وأمثالهما ، فلا كلّيّة للقاعدة المذكورة في كلام الأشاعرة.