أنّه واقعيّة من الواقعيّات المحسوسة ، وهو لا يكون قابلا للإنشاء ، إلّا أنّ الآمر يوجد مصداقا للطلب بسبب الإنشاء ؛ إذ الأمر نوع من الطلب كما مرّ ، فنفس إصدار الأمر مصداق للطلب ، ولا بحث فيه ، والبحث في المرحلة السابقة عليه ، وهي : أنّ الذي يتعلّق به الإنشاء والذي ينشأ بصيغة «افعل» ما هما؟ فيكون متعلّق الإنشاء والطلب القولي هو البعث والتحريك الاعتباري ، وهما مغايران للطلب الذي هو أمر واقعي ، مع أنّه ليس لنا طلب اعتباري أصلا ، فلا يمكن تسمية البعث والتحريك بالطلب.
ويؤيّده اختلاف الطلب مع البعث في المشتقّات ؛ لأنّ مادّة الطلب لا تحتاج إلى تعدّد الشخص ، بخلاف مادّة البعث فإنّها تحتاج إلى شخصين الباعث والمبعوث ، بخلاف الطالب كما ترى في طالب العلم وطالب الدنيا وأمثالهما.
نعم ، قد يعبّر عن المأمور والمبعوث بالمطلوب منه ، ولكن ليس له أساس في اللغة ، بل هو جعل للسهولة في التعبير.
على أنّه لو كان له أساس فهو أقوى شاهد على المغايرة بينهما ؛ إذ المراد من المطلوب منه هو المبعوث ، والمراد من المطلوب هو المبعوث إليه ، فكيف يمكن أن يكون النزاع مع صاحب الكفاية قدسسره نزاعا لفظيّا مع ملاحظة هذه الاختلافات في المشتقّات؟!
والحاصل : أنّ هيئة «افعل» وضعت للبعث والتحريك الاعتباري كما اشير إليه في كلام استاذنا السيّد الإمام قدسسره.
وأمّا إذا كان استعمال الهيئة بدواعي أخر ـ كالتعجيز والتهديد والتسخير وأمثال ذلك ـ فلا بأس في القول بكون المستعمل فيه عبارة عن البعث والتحريك الاعتباري في هذه الموارد أيضا ، لكنّه لغرض التعجيز والتسخير