البعث والتحريك في نفسه لا ينقسم إلى قسمين ، بل الانقسام يكون باعتبار المنشأ والعلّة ؛ بأنّ الإرادة إن كانت قويّة وشديدة يكون البعث والتحريك وجوبيّا ، وإن كانت ضعيفة يكون البعث والتحريك استحبابيّا ، مع أنّ ماهيّة البعث والتحريك الاعتباري تنقسم إلى قسمين مع قطع النظر عن المنشأ والعلّة ، كما أنّ البعث والتحريك التكويني والخارجي يكون كذلك.
على أنّ وجود الاختلاف والانقسام في المنشأ والعلّة لا يدلّ على عدمه في المعلول.
ويؤيّده أنّ المولى إذا قال لعبده : «اشتر اللحم وإلّا عاقبتك» ، وإمّا إذا قال : «وإن شئت اشتر الخبز» فلا شكّ في أنّ العرف والعقلاء يفهمون منهما نوعان من البعث والتحريك بدون الالتفات إلى المنشأ والعلّة ، فالبعث والتحريك الاعتباري كالإرادة ينقسم إلى قسمين ، وحينئذ لا يبعد ادّعاء تبادر نوع واحد من البعث والتحريك الاعتباري من الهيئة في مقام الإثبات.
فالحقّ في مقام الثبوت مع استاذنا السيّد الإمام قدسسره ، وأمّا في مقام الإثبات فمع المحقّق الخراساني قدسسره ، فإذا كان البعث والتحريك منقسما إلى قسمين لا يبعد القول : بأنّ المتبادر من الهيئة هي المرتبة الشديدة من البعث والتحريك. هذا تمام الكلام في مسألة التبادر.
وأمّا دعوى الانصراف الناشئ من كثرة استعمال اللّفظ في معنى وتحقّق الارتباط والاستئناس بين اللفظ والمعنى بحيث ينسبق هذا المعنى إلى الذهن عند إطلاق اللفظ فيدّعي في المقام أنّ هيئة «افعل» كثير ما استعملت في الوجوب وهو يوجب الانصراف إليه في جميع الموارد هل هو صحيح أم لا؟
وكان لصاحب المعالم قدسسره (١) كلام يوجب التزلزل في الانصراف ، وهو أنّه بعد
__________________
(١) معالم الدين : ٥٣.