وأمّا الاستفادة من نفس الاستعمال ؛ بأنّ له كاشفيّة عقلائيّة وأماريّة عرفيّة لكونه ناشئا عن الإرادة الحتميّة ، فلا محالة يكون مفادها البعث والتحريك الوجوبي.
وفيه : أوّلا : أنّ هذا ادّعاء بلا دليل.
وثانيا : أنّ الكاشفيّة العقلائيّة والأماريّة العرفيّة متفرّعة على ثبوت وضعها للبعث والتحريك الوجوبي بأدلّة أخر كالتبادر والانصراف ؛ إذ لا معنى لها بدون منشأ وضعي أو انصرافي ، وحينئذ لا تصل النوبة إلى هذا الوجه ، بل يثبت المدّعى قبل التمسّك به ، فهذا يرجع إلى التبادر والانصراف ، وأمّا مع إنكار أدلّة أخر ـ كما هو المفروض ـ لا يكون منشأ للكشف المذكور ، فإنّ مفاد الهيئة ـ أي مطلق البعث والتحريك ـ يناسب الإرادة الحتميّة وغيرها ، فلا دلالة لصدور هيئة «افعل» على أنّ مفادها هو البعث والتحريك الوجوبي.
نعم تحقّق هنا دلالة عقليّة اخرى ، وهي أنّ صدور كلّ فعل اختياري عن الإنسان يدلّ بدلالة عقليّة على كونه مسبوقا بالإرادة.
قلت : نعم هو مسبوق بنفس الإرادة ، لا الإرادة الحتميّة ، ومعلوم أنّ بين الإرادتين فرق من حيث المراد ، فإنّ هذه الإرادة متعلّقة بنفس هذا الفعل الاختياري وهو صدور الكلام منه ، وأمّا الإرادة الحتميّة فمتعلّقة بتحقّق المأمور به في الخارج من المأمور ، فالكاشفيّة متحقّقة بالنسبة إلى إرادة صدور هيئة «افعل» ، وهي متغايرة مع الإرادة الحتميّة المتعلّقة بتحقّق المأمور به من العبد ، فهذا الطريق أيضا ليس بتامّ.
وأمّا الوجه الأخير الذي اختاره استاذنا السيّد الإمام والاستاذ الأعظم المرحوم البروجردي قدسسرهما فتوضيحه : أنّ العقل يحكم بلزوم إطاعة الأوامر