النفسانيّة أو البعث والتحريك الاعتباري الذي كان مفاد هيئة «افعل»؟ فإن كان المراد منه هو الأوّل فإنّا نسلّم بأنّ الإرادة الواقعيّة غير قابلة للإنكار ، ونسلّم أيضا أنّه يحتاج في التحقّق إلى المراد ، كما أنّ العرض يحتاج إلى المعروض ومتقوّم به ، فإنّ كليهما من امور ذات الإضافة ، فلا يعقل تحقّق الإرادة بدون المتعلّق والمراد ، إلّا أنّ البحث في أنّ المقصود من متعلّق الإرادة ما هو؟ فهل هو المراد الخارجي؟ وهو ليس بصحيح ؛ لأنّه يتحقّق بعد الإرادة بمدّة مديدة.
وهذا البحث يجري بعينه في باب العلم ، فإنّا نعلم ـ مثلا ـ بتحقّق يوم الجمعة بعد ثلاثة أيّام ، فالعلم متحقّق الآن بدون المعلوم ، مع أنّه واقعيّة نفسانيّة يحتاج في تحقّقه إلى المعلوم.
ولكنّ حلّ الإشكال في باب العلم بأنّه كان للعالم معلوم بالذات ومعلوم بالعرض ، والمعلوم بالعرض عبارة عن الموجود في الخارج ، والمعلوم بالذات عبارة عن الصورة الذهنيّة الحاصلة في الذهن من يوم الجمعة ، فالمعلوم للعالم حين العلم ، ومتعلّق علمه عبارة عن المعلوم بالذات ، وهكذا في باب الإرادة ، فيكون متعلّق الإرادة قبل تحقّق المراد في الخارج عبارة عن الصورة الذهنيّة للمراد الموجودة في حال الإرادة ، وحينئذ يظهر الجواب من مقايسة نسبة الحكم والمتعلّق مع الجسم والبياض ؛ بأنّه إذا كان الحكم بمعنى الإرادة فلا يلزم أن يكون متعلّقها متحقّقا في الخارج ؛ إذ المتعلّق عبارة عن الصورة الذهنيّة للمراد ، ولا مانع من جعل المولى الصورة التي كانت موجودة في ذهنه ومقيّدة بقصد الأمر متعلّقا للأمر ، ولا استحالة في البين.
وأمّا إن كان الحكم بمعنى البعث والتحريك الاعتباري ـ كما هو المشهور ـ