اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) ، وكان هاهنا للمكلّف عنوان خاصّ ، وهو عنوان المستطيع الذي بيّنته جملة «من استطاع إليه سبيلا» ، وهذا العنوان موضوع للتكليف الوجوبي الذي بيّنته كلمتي «لله» و «على» ، والمتعلّق الذي بيّنته كلمتي «حجّ البيت» غير الموضوع.
وأمّا في مثل قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) الذي ليس فيه للمكلّف عنوان خاصّ حتّى نجعله الموضوع للتكليف ، فلا يمكن إرجاعه إلى القضيّة الشرطيّة ؛ إذ لا يتصوّر الشرط فيه.
نعم ، إذا كانت في المسألة قيود غير اختياريّة فلا بدّ من فرض وجودها في مقام الأمر ، فلا محالة ترجع إلى القضيّة الشرطيّة ، مثل قولنا : إذا بلغتم يجب عليكم إقامة الصلاة ، وإذا تحقّق غروب الشمس يجب عليكم صلاة العشاءين.
ويمكن أن يقال : إنّ كلام المحقّق النائيني قدسسره يتمّ بناء على ذلك ، فإنّ قصد القربة أيضا تكون من الامور الغير الاختياريّة ؛ إذ الأمر فعل المولى ، فما نبحث فيه يرجع إلى القضيّة الشرطيّة.
وفيه : أوّلا : أنّ قصد الأمر ليس من الامور الغير الاختياريّة ؛ إذ مرّ منّا مفصّلا أنّا نحتاج إلى قصد الأمر في مقام الامتثال ، لا في مقام جعل الحكم ، كما أنّ القدرة المعتبرة في التكليف معتبرة في مقام الامتثال ، فإن تحقّق من ناحية الأمر فلا بأس به ، وإن كان كذلك فقصد الأمر صار أمرا اختياريّا ، فإنّه مقدور لنا بعد الأمر ، بخلاف زوال الشمس فإنّه ليس بمقدور لنا بوجه.
وثانيا : أنّ على فرض تسليم كون قصد الأمر من الامور الغير الاختياريّة ـ مثل زوال الشمس ـ ولكن قصد الأمر ليس من قبيل زوال الشمس ، فإنّ
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.