معنى قضيّة «إذا زالت الشمس تجب صلاتا الظهر والعصر» أنّ للزوال دخلا في ترتّب الجزاء ـ أي الوجوب ـ فإذا لم يكن الزوال فلم يكن الوجوب ، وهذا المعنى لا يجري في قصد الأمر ؛ إذ لا دخل لقصد الأمر في تحقّق وجوب الصلاة ، ولا يعقل قولنا : إذا قصدت الأمر يجب عليك الصلاة.
وأمّا قوله قدسسره : إنّ القيود التي تؤخذ في القضايا بصورة الشرط فلا محالة تكون في مقام جعل الحكم مفروض الوجود إن كان مراده الوجود الذهني ، أي إن كان للوجود الذهني للقيود دخل في تحقّق الوجوب ، فلا فرق في ذلك بين المقدور وغير المقدور فإنّ تصور غير المقدور ـ بل المحال أيضا ـ مقدور ، وإن كان مراده من مفروض الوجود الوجود الخارجي فلا فرق بين الطهارة وقصد الأمر فإنّ كليهما مقدور لنا ، إلّا أنّ الطهارة مقدورة مع قطع النظر عن الأمر ، بخلاف قصد الأمر كما مرّ تفصيله ، فجميع أدلّة القول بالاستحالة الذاتيّة ليست في محلّه.
ويستفاد من أدلّة بعض العلماء القول بالاستحالة الغيريّة ، كما تستفاد هذه من كلام صاحب الكفاية قدسسره (١).
وتوضيح كلامه : أنّه يدّعي في صدر كلامه الاستحالة الذاتيّة ، فإنّه يقول «الاستحالة أخذ ما لا يكاد يتأتّى إلّا من قبل الأمر بشيء في متعلّق ذاك الأمر» ، وهذا ظاهر في مسألة الدور ، وتقدّم الشيء على نفسه التي تساوق الاستحالة الذاتيّة.
ولكنّه في مقام الاستدلال قال : «فما لم تكن نفس الصلاة متعلّقة للأمر لا يكاد يمكن إتيانها بقصد امتثال أمرها» يعني : لو اخذ قصد الأمر في المتعلّق
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١١٢.