الإتيان بأجزاء الواجب بداعي وجوبه.
قلت : مع امتناع اعتباره كذلك ـ أي امتناع اعتبار قصد الامتثال كذلك ؛ إذ القصد يكون بمعنى الإرادة ، وهي ليست باختياريّة ـ فإنّه يوجب تعلّق الوجوب بأمر غير اختياري ، فإنّ الفعل وإن كان بالإرادة اختياريّا إلّا أنّ إرادته حيث لا تكون بإرادة اخرى ، وإلّا لتسلسلت ليست باختياريّة كما لا يخفى ، إنّما يصحّ الإتيان بجزء الواجب بداعي وجوبه في ضمن إتيانه بهذا الداعي ، ولا يكاد يمكن الإتيان بالمركّب من قصد الامتثال بداعي امتثال أمره ، وإلّا لزم اتّحاد المحرّك والمحرّك إليه ، ولا يعقل إتيان داعي الأمر بداعي الآمر ، فلا يمكن إتيان متعلّق الأمر ، أي المجموع المركّب من الأجزاء والشرائط وقصد الأمر بقصد الآمر ، وأمّا الصلاة المجرّدة عنه فلا تكون مأمورا بها.
والحاصل : أنّ قصد الأمر إن اخذ في الصلاة بنحو الشرطيّة فلا يكون المكلّف قادرا على إتيان الصلاة بداعي الأمر المتعلّق بها ؛ إذ الصلاة المجرّدة ـ أي ذات المقيّدة ـ ليست متعلّقا للأمر ، وإن اخذ قصد الأمر بنحو الجزئيّة ، فكما أنّ الأمر يكون داعيا إلى الصلاة كذلك يكون داعيا إلى الجزء الآخر منها ، والمفروض أنّه عبارة عن نفس داعي الأمر ، ويلزم من ذلك أن يكون داعي الأمر محرّكا ومحرّكا إليه في آن واحد.
وأجاب عنه أعاظم أهل الفن بأجوبة متعدّدة :
منها : ما قال به المرحوم البروجردي (١) والإمام قدسسرهما (٢) وهو الحقّ عندنا ، ويتوقّف على بيان مقدّمات :
__________________
(١) نهاية الاصول ١ : ١١٥ ـ ١٢٣.
(٢) تهذيب الاصول ١ : ١٥٣ ـ ١٦٣.