وهكذا عكسه.
ويمكن أن يتوهّم أنّ الموجود الخارجي بسبب التصوّر يصير موجودا ذهنيّا ، وبهذا يتّحد الوجودان.
وجوابه : أنّ الموجود الخارجي بوصف الخارجيّة لا يعقل أن يتحقّق في الذهن ، وما يتحقّق في الذهن عبارة عن الصورة الحاصلة من الخارج في الذهن ، كما مرّ نظيره في مسألة العلم والمعلوم.
وبالنتيجة بعد بطلان الاحتمالين المذكورين يتعيّن الاحتمال الأوّل ، يعني ماهيّة الصلاة مع قطع النظر عن التقيّد بشيء من الوجودين الذهني والخارجي تكون معروضة للوجوب.
ولا يخفى أنّ جميع المقدّمات يدور مدار جملتين عند صاحب الكفاية : الاولى منها قوله : «الأمر يكون داعيا إلى متعلّقه» ، الثانية منها قوله : «ولا يكاد يكون داعيا إلى غير متعلّقه» ، وجعلنا البحث في المقدّمة الاولى حول المتعلّق وقلنا فيها : إنّ المتعلّق عبارة عن ماهيّة المأمور بها بلا دخل للوجود الذهني والخارجي فيها.
المقدّمة الثانية : في المراد من قوله : الأمر يكون داعيا إلى متعلّقه؟ فإن كان مراده البعث والتحريك للمكلّف إلى تحقّق المتعلّق بالبعث التكويني والحقيقي فهو ليس بصحيح ، فإنّا نرى عدم الانبعاث في العصاة والكفّار ، مع أنّ البعث الحقيقي لا ينفكّ عن الانبعاث. وإن كان مراده أنّ الأمر يكون محقّقا لموضوع الطاعة والانبعاث ـ كما هو الحقّ على ما سنبيّنه ـ فهو مخالف لظاهر العبارة.
فالداعي عبارة عن الأمر القلبي الراسخ في نفس العبد ، ويختلف بحسب تفاوت درجات العباد واختلاف حالاتهم وملكاتهم ، فمنهم من وجد في قلبه