ملكة الخوف من عقاب المولى أو ملكة الشوق إلى ثوابه ورضوانه ، ومنهم من وجد في قلبه ملكة الشكر وصار بحسب ذاته عبدا شكورا ، وباعتبار هذه الملكات يصدر عنه إطاعة أوامر المولى ، ومنهم من رسخ في قلبه عظمة المولى وجلاله وكبريائه فصار مقهورا في جنب عظمته ، وباعتبار هذه الملكة صار مطيعا لأوامره.
وأعلى مرتبة العبادة ما نقل عن أمير المؤمنين عليهالسلام في دعائه وهو قوله عليهالسلام : «ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنّتك ، بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» (١) ، فكان خوفا من النار وطعما في الجنّة وشكرا للمنعم ووجدان المعبود أهلا للعبادة من الدواعي إلى المتعلّق ، كما أنّ كلام أمير المؤمنين عليهالسلام صريح بأنّ المحرّك والداعي عبارة عن وجدانه عليهالسلام إياه أهلا للعبادة.
وأمّا الأمر فليس من شأنه إلّا تعيين موضوع الطاعة ، فيصير بمنزلة الصغرى لتلك الكبريات ، فما اشتهر من أنّ الأمر يكون داعيا إلى متعلّقه ليس بتامّ.
المقدّمة الثالثة : حول قوله : «الأمر لا يكاد يكون داعيا إلى غير متعلّقه» ، ومعناه على مبنى صاحب الكفاية قدسسره أنّ ما كان خارجا عن دائرة المتعلّق فهو خارج عن تحت داعويّة الأمر ، وعلى هذا فالشرائط بما أنّها خارجة عن دائرة المتعلّق لا يكاد يكون الأمر داعيا إليها ، وهكذا في نفس الأجزاء فإنّها تغاير المتعلّق ـ أي المركّب من جميع الأجزاء ـ بتغاير اعتباري ، وإن اتّحدا خارجا ، فإنّ المتعلّق عبارة عن نفس الماهيّة ، فإن تغاير معها شيء بتغاير اعتباري فهو خارج عن الماهيّة ، فالأجزاء أيضا لا تكون متعلّقا للأمر ، ولذا قال بعض
__________________
(١) البحار ٤١ : ١٤ ، الحديث ٤.