بتبعّض الأمر حسب تعدّد الأجزاء فرارا عن الإشكال ، وقال بعض آخر بأنّ الأجزاء محكومة بالوجوب الغيري بعنوان المقدّمة.
وأمّا إن كان الداعي بالمعنى الذي ذكرناه فلا إشكال في تعلّق الأمر بالأجزاء والشرائط ، فإنّ المحرّك والداعي الإلهي إذا وجد في النفس كما يدعو إلى المتعلّق يدعو إلى جميع ما يتوقّف عليه المتعلّق أيضا ، بلا فرق بين كون الداعي خوفا من العقاب أو طعما في الجنّة أو وجدان الله تعالى أهلا للعبادة ؛ إذ المكلّف يرى أنّ خوفا من العقاب كما يدعو إلى أصل الصلاة كذلك يدعو إلى كلّ ما له دخل في تحقّقها ، وكما أنّ ترك أصل الصلاة موجب لترتّب العقاب كذلك ترك تحصيل الطهارة موجب لترتّب العقاب ، وأنّ شكر المنعم والعبادة لا يتحقّق بدون الشرائط وجميع الأجزاء ، وهكذا.
إذا عرفت هذه المقدّمات فنقول : ما هو الحقّ في الإجابة عمّا ذهب إليه صاحب الكفاية قدسسره؟ ومحصّل كلامه : أنّ قصد الأمر إن اخذ في المتعلّق بعنوان الشرطيّة لا يكون المكلّف قادرا على إتيان المأمور به بداعي الأمر المتعلّق به ، فإنّ المأمور به بدون قيد الداعي لا يكون متعلّقا للأمر ، وإن اخذ بعنوان الجزئيّة فمعناه أنّ الأمر كما يكون داعيا إلى أصل المأمور به كذلك يكون داعيا إلى أجزائه ، ومن الأجزاء نفس داعي الأمر ، ويلزم من ذلك أن يكون داعي الأمر محرّكا ومحرّكا إليه. وكلا الفرضين مستحيل ؛ إذ لو كان الأمر داعيا لا ينفكّ عن الامتثال الخارجي ، فإنّ الداعي بمنزلة العلّة ، والعلّة لا تنفكّ عن المعلول.
والجواب عن فرضه الأوّل : أنّه سلّمنا أنّ قصد القربة إن كان بالمعنى الذي ذكرته فليس المكلّف قادرا على الامتثال ، وأمّا إن كان قصد القربة والداعويّة