ثمّ قال : إذا تمهّد هذا فنقول : لا إشكال في أنّ ذوات الأفعال والأقوال الصلاتيّة ـ مثلا ـ من دون إضافة قصد إليها ليست محبوبة ولا مجزية قطعا ، فإنّها كانت من قبيل القسم الثاني ، فحقيقة العبادة عبارة عن التعظيم والخضوع والخشوع لله تعالى ، إلّا أنّ الإنسان قد يدرك عباديّة بعض الأعمال ـ كالسجود لله تعالى ـ فإنّها عند العرف والعقلاء أعلى درجة التعظيم والخضوع والخشوع لله سبحانه. ولا يدرك عباديّة البعض الآخر ؛ لقصور إدراكه كالصوم ، بناء على كونه عبارة عن التروك والإمساك ، وكالهيئة المركّبة من الأفعال والأقوال باسم الصلاة ، ويكون إدراكه والتفاته في هذه المواد موقوفا على إعلام الشارع ، فلا بدّ من إعلامه أوّلا بما يتحقّق به تعظيمه ثمّ يأمره به ، وحينئذ لا مانع من قوله تعالى : أيّها الناس يجب عليكم إقامة الصلاة المقرونة بقصد عنوانها الذي هو عنوان التعظيم والخضوع والخشوع ؛ إذ من الممكن كون صدور الصلاة المقرونة بقصد العنوان من العبد كان محبوبا للمولى ومحقّقا للعباديّة ، سواء اخذ قصد العنوان في المتعلّق بعنوان الشرطيّة أو الشطريّة ، وليس هذا المعنى ممّا يتوقّف تحقّقه على قصد الأمر حتّى يلزم محذور الدور.
واستشكل عليه المرحوم البروجردي قدسسره (١) بأنّ هذا ينافي لما اعتبره الفقهاء في مسألة النيّة في كتاب الصلاة من أنّ المعتبر في النيّة أمران : أحدهما : قصد عنوان الصلاة ، وثانيهما : قصد القربة ، فملاك العباديّة قصد القربة لا قصد العنوان.
ولكنّه قابل للجواب وهو مبتن على مقدّمة استفدناها منه قدسسره وكتبناها في
__________________
(١) نهاية التقرير ١ : ٣٠١ ـ ٣٠٢.